"البيوع" ١٣٠٢ (الدارمي) فِي "البيوع" ٢٤٤٨. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو أنه إذا بيعت النخل، وعليها ثمر، فاشترط المشتري ثمرها، فهي له. (ومنها): أنه إذا لم يشترط فإنه تكون للبائع. (ومنها): أنه استُدِلّ به عَلَى أن المؤبر، يخالف فِي الحكم غير المؤبر، وَقَالَ الشافعيّة: لو باع نخلة، بعضها مؤبر، وبعضها غير مؤبر، فالجميع للبائع، وإن باع نخلتين فكذلك يشترط اتحاد الصفقة، فإن أفرد فلكل حكمه، ويشترط كونهما فِي بستان واحد، فإن تعدد فلكل حكمه، ونص أحمد عَلَى أن الذي يؤبَّر للبائع، والذي لا يؤبر للمشتري، وجعل المالكية الحكم للأغلب.
(ومنها): جواز التأبير، وَقَدْ أخرج مسلم فِي "صحيحه" منْ طريق موسى بن طلحة، عن أبيه، قَالَ: مررت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوم، عَلَى رءوس النخل، فَقَالَ:"ما يصنع هؤلاء؟ "، فقالوا: يُلَقِّحُونه، يجعلون الذكر فِي الأنثى، فيلقح، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أظن يغني ذلك شيئا"، قَالَ: فأُخبروا بذلك، فتركوه، فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فَقَالَ: إن كَانَ ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا، فخذوا به، فإني لن أكذب عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ".
وأخرج منْ طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت، عن أنس: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، مَرَّ بقوم، يُلَقِّحُون، فَقَالَ: "لو لم تفعلوا لصلح"، قَالَ: فخرج شِيصًا، فمر بهم، فَقَالَ: "ما لنخلكم؟ "، قالوا: قلت: كذا وكذا، قَالَ: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".
(ومنها): أن الحكم المذكور مختص بإناث النخل، دون ذكوره، وأما ذكوره فللبائع نظرا إلى المعنى، ومن الشافعيّة منْ أخذ بظاهر التأبير، فلم يفرق بين أنثى وذكر.
واختلفوا فيما لو باع نخلة، وبقيت ثمرتها له، ثم خرج طلع آخر منْ تلك النخلة، فَقَالَ ابن أبي هريرة: هو للمشتري؛ لأنه ليس للبائع، إلا ما وُجد دون ما لم يوجد، وَقَالَ الجمهور: هو للبائع؛ لكونه منْ ثمره المؤبرة دون غيرها.
(ومنها): أنه يستفاد منه أن الشرط الذي لا ينافي مقتضى العقد، لا يفسد البيع، فلا يدخل فِي النهي عن بيع وشرط.
(ومنها): أن الطحاوي استَدَلَّ بهذا الْحَدِيث عَلَى جواز بيع الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها، واحتج به لمذهبه الذي حكيناه فِي ذلك، وَقَدْ تعقبه البيهقي وغيره، بأنه يَستَدِلُّ بالشيء فِي غير ما ورد فيه، حَتَّى إذا جاء ما ورد فيه، استَدَلّ بغيره عليه كذلك، فيُستدل لجواز