وقولها:"فخيّرها": أي فِي زوجها، وفيه تخيير الأمة إذا أُعتقت، وإن كَانَ زوجها حرًّا، وهو الصحيح؛ لهذا الْحَدِيث، وَقَالَ الحنفية: لا تُخيّر إلا إذا كَانَ زوجها عبدًا، وَقَدْ تقدّم البحث فِي هَذَا مستوفًى فِي "كتاب الطلاق"، فراجعه تستفد.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدم فِي "كتاب الزكاة" ٩٩/ ٢٦١٤ وفي "كتاب الطلاق" ٢٩/ ٣٤٧٤. وتقدم شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه، تستفد، واستدلال المصنّف عَلَى ما ترجم له واضح؛ لأن البيع صححه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع أنهم اشترطوا شرطًا باطلاً، فدلّ أن الشرط الباطل لا يبطل البيع، بل يبطل هو بنفسه، فإنه -صلى الله عليه وسلم- أبطل شرطهم، مع تصحيحه العقد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
والسند مسلسل بثقات البصريين إلى شعبة، والباقون مدنيون، وفيه رواية الراوي عن أبيه، عن عمّته، وفيه القاسم أحد الفقهاء السبعة، وفيه شيخ المصنّف أحد مشايخ الستّة بلا واسطة. و"محمد": هو ابن جعفر غُندر.
وقوله:"هو لها صدقة الخ": يشير إلى أن تبدّل الأسماء يبدّل الأحكام، فإنه لما كَانَ فِي يدها كَانَ صدقة، فحرم عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأهل بيته، فلما أهدته إليهم، فصار هديّة، تغير حكمه، فصار حلالاً لهم.
وقولها:"وخُيّرت": أي خيّرها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي البقاء مع زوجها، أو فراقها له.
والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه فيما قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.