وتخفيف الميم: أداة استفتاح، مثل "ألا"(إِنَّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكَ) و"أُنوّه" بضم أوله، وتشديد ثالثه، مضارع نوّه تنويهًا، قَالَ فِي "القاموس": نَوّهّهُ، وبه: دعاه، ورفعه. انتهى. فالمعنى هنا: لم أدعك، ولم أرفع بذكرك (إِلَّا بِخَيْرٍ) إلا بسبب أمر خير، وهو التنبيه عَلَى تخليص هَذَا الميت المأسور بالدين منْ أسره، بأداء دينه، وفي رواية أبي داود:"أما إني لم أنوّه بكم إلا خيرًا"(إِنَّ فُلَانًا، لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مَاتَ) اللام فِي "لرجل" للبيان، و"مات" صفة لرجل، وهو معترض بين اسم "إن" وخبرها، وهو قوله (مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ) بالرفع، كما فِي النسخة "الهنديّة"، ووقع فِي النسخ المطبوعة، و"الكبرى": "مأسورًا" بالنصب، وله وجه، وهو أن يُجعل مفعولاً لفعل مقدّر، والجملة خبر "إنّ": أي رأيته مأسورًا. و"الأسر": فِي اللغة: الشَّدّ: أي إنه مشدود، ومحبوس بسبب دينه عن دخول الجنّة، أو الاستراحة بها، وأراد -صلى الله عليه وسلم- بذلك الحثّ عَلَى الاستعجال بأداء دينه، وَقَدْ حصل ذلك، فقد زاد فِي رواية أبي داود المذكورة: ما نصّه: "فقد رأيته أدّى عنه حَتَّى ما بقي أحدٌ يطلبه بشيء". وهذا منْ مقول سمرة -رضي الله عنه-، يقول: فلقد رأيت ذلك الرجل الذي خاطبه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بشأن ذلك الميت، منْ أسره بدينه، أدّى عنه جميع ديونه التي بسببها حُبس فِي قبره.
[تنبيه]: زاد فِي "الكبرى" ٤/ ٥٨: ما نصّه: وَقَدْ رواه غير واحد عن الشعبيّ، عن سمرة. وَقَدْ رُوي عن الشعبيّ، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً. ولا نعلم أحدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيث عن "سمعان" غير سعيد بن مسروق. انتهى.
وزاد فِي "تحفة الأشراف" ٤/ ٧٨ - ٧٩ - بعد هَذَا: ما نصّه: رواه وكيعٌ، عن سفيان، ولم يذكر فيه "سمعان". وَقَالَ فراس: عن الشعبيّ، عن سمرة: هل هاهنا أحد منْ بني النجّار؟. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث سمرة -رضي الله عنه- هَذَا صحيح، إن ثبت سماع سمعان منْ سمرة -رضي الله عنه-.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٨/ ٤٦٨٧ وفي "الكبرى" ١٠٠/ ٦٢٨٢. (د) فِي "البيوع" ٣٣٤١.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان التغليظ فِي شأن الدين.