تحت صخرة، فانهدمت عليهم"، ومن طريق طاوس، قَالَ: "كَانَ أهل الجاهلية، لا يُصيبون فِي الحرم شيئا، إلا عُجِّلت لهم عقوبته"، ومن طريق حُويطب: "أن أمة فِي الجاهلية، عاذت بالبيت، فجاءتها سيدتها، فجبذتها، فشلت يدها"، ورَوينا فِي "كتاب مجابي الدعوة" لابن أبي الدنيا فِي قصة طويلة، فِي معنى سُرْعة الإجابة بالحرم للمظلوم فيمن ظلمه، قَالَ: فَقَالَ عمر: "كَانَ يُفعل بهم ذلك فِي الجاهلية؛ ليتناهوا عن الظلم؛ لأنهم كانوا لا يعرفون البعث، فلما جاء الإِسلام أُخر القصاص إلى يوم القيامة"، ورَوَى الفاكهي، منْ وجه آخر، عن طاوس، قَالَ: "يوشك أن لا يصيب أحد فِي الحرم شيئاً، إلا عُجِلت له العقوبة"، فكأنه أشار إلى أن ذلك يكون فِي آخر الزمان، عند قبض العلم، وتناسي أهل ذلك الزمان أمور الشريعة، فيعود الأمر غريبا كما بدأ. انتهى فتح ١٤/ ٥٤٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١/ ٤٧٠٨ - وفي "الكبرى" وأخرجه (خ) فِي "المناقب" ٣٨٤٥. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان أول القسامة التي كانت فِي الجاهليّة. (ومنها): أن ما أقرّه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ أفعال الجاهليّة يكون شرعًا مستمرًّا بإقراره -صلى الله عليه وسلم-. (ومنها): بيان شؤم الأيمان الكاذبة. (ومنها): أن فيه تعظيم قتل النفس البريئة حَتَّى فِي أيام الجاهلية. (ومنها): بيان حرمة الحرم جاهليّة، وأن منْ اجترأ فيه بالمعاصي يعاجَل بالعقوبة، فلما جاء الإِسلام لم يزده إلا شدّةً، فقد قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: ٢٥].
ذكر الإِمام ابن كثير رحمه الله تعالى فِي "تفسيره" ٣/ ٢١٥: أقوال المفسّرين لهذه الآية الكريمة، قَالَ: والأجود أنه ضمّن الفعل هاهنا معنى "يَهُمُّ"، ولهذا عدّاه بالباء، فَقَالَ:{بِظُلْمٍ}: أي عامدا، قاصدا أنه ظلم، ليس بمتأول، كما قَالَ ابن جريج، عن ابن عباس: هو التعمد، وَقَالَ علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:{بِظُلْمٍ}: بشرك. وَقَالَ مجاهد: أن يعبد فيه غير الله، وكذا قَالَ قتادة، وغير واحد، وَقَالَ العوفي، عن ابن عباس:{بِظُلْمٍ}: هو أن تستحلّ منْ الحرم ما حرم الله عليك، منْ إساءة، أو