بالمعنى الظاهر، ويجوز الترغيب بمثله توسّلاً به إلى العفو، وإصلاح ذات البين، كما يجوز التعريض فِي محلّه. والله تعالى أعلم. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن المعنى الأول، هو الأقرب، كما استحسنه القرطبيّ، فِي كلامه السابق، وحاصله أن القاتل تسبب فِي حصول المغفرة لكلّ منْ المقتول بقتله، والوليّ لَمّا عفا عنه، فصحّ نسبة ذهاب ذنوبهما إليه. والله تعالى أعلم.
(فَعَفَا عَنْهُ، فَأَرْسَلَهُ، قَالَ) وائل -رضي الله عنه- (فَرَأَيْتُهُ) أي القاتل الذي عُفي عنه (يَجُرُّ نِسْعَتَهُ) قَالَ القرطبيّ: هي ما ضُفّر منْ الأدم كالحبال، وجمعها أنساع، فإذا فُتل، ولم يُضفر، فهو الجديل، والْجَدْلُ: الفتل. وفيه منْ الفقه: العنف عَلَى الجاني، وتوثيقه، وأخذ النَّاس له، حَتَّى يُحضروه إلى الإِمام، ولو لم يُجعل ذلك للناس لفرّ الْجُناة، وفاتوا، ولتعذّر نصر المظلوم، وتغيير المنكر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٥/ ٤٢٣ و٦/ ٤٧٢٦ و٤٧٢٨ و٤٧٢٩ و٤٧٣١ وفي "آداب القضاة" ٥٤١٧ - وفي "الكبرى" ٥/ ٦٩٢٥ و٦/ ٦٩٢٩ و٦٩٢٨ و٦٩٢٩ و٦٩٣١. وأخرجه (م) فِي "القسامة" ١٦٨٠ (د) فِي "الديات" ٤٤٩٩ و٤٥٠١ (الدارميّ" فِي "الديات" ٢٢٥٣. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده (١):
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة القصاص فِي القتل العمد.
(ومنها): أن فيه الإغلاظَ عَلَى الْجُنَاة، وربطهم، وإحضارهم إلى ولي الأمر. (ومنها): أن فيه سؤالَ المدعَى عليه، عن جواب الدعوى، فلعله يُقِرُّ، فيستغني المدعي، والقاضي عن التعب فِي إحضار الشهود، وتعديلهم، ولأن الحكم بالإقرار حكم بيقين، وبالبينة حكم بالظن. (ومنها): سؤالُ الحاكم، وغيره الوليّ عن العفو عن
(١) ليست هذه الفوائد مقتصرة عَلَى سياق المصنّف هنا، فقط، بل لجميع الروايات التي أشرت إليها فِي الشرح أيضًا، فتنبّه.