وقوله:"القاتل والمقتول فِي النار": قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: ليس المراد به هذان، فكيف تصح إرادتهما، مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بل المراد غيرهما، وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فِي المقاتلة المحرمة، كالقتال عصبية، ونحو ذلك، فالقاتل والمقتول فِي النار، والمراد به التعريض، كما ذكرناه، وسبب قوله: ما قدمناه؛ لكون الولي يفهم منه دخوله فِي معناه، ولهذا ترك قتله، فحصل المقصود. والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ١٧٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تقدّم فِي كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى قريبًا ما هو أقرب إلى تأويل الْحَدِيث، فلا تنس. والله تعالى وليّ التوفيق.
وقوله:"فذكرت ذلك لحبيب": القائل هو إسماعيل بن سالم، كما صرّح به مسلم فِي "صحيحه"، وحبيب: هو ابن أبي ثابت -كما صرّح به مسلم أيضًا- واسم أبيه: قيس، ويقال: هند بن دينار، الأسديّ مولاهم، أبو يحيى الكوفيّ، ثقة فقيه جليلٌ، كثير الإرسال والتدليس [٣] ١٢١/ ١٧٠.
وقوله:"فَقَالَ: حدّثني سعيد بن أشوع الخ": القائل: هو حبيب: أي قَالَ حبيب حدثني سعيد بن أشوع. وقوله:"قَالَ: وذكر الخ" القائل أيضًا هو حبيب: أي قَالَ حبيب: وذكر سعيد بن أشوع أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر الرجل بالعفو، أي فامتنع منه، كما بيّنه مسلم فِي "صحيحه"، ولفظه:"قَالَ إسماعيل بن سالم: فذكرت ذلك لحبيب بن أبي ثابتٍ، فَقَالَ: حدّثني ابن أشوع أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنما سأله أن يعفو عنه، فأبى" انتهى.
والمعنى: أن سبب قوله -صلى الله عليه وسلم-: "القاتل والمقتول فِي النار" هو امتناع الرجل عن العفو بعد أن ألحّ عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بطلبه.
والحديث أخرجه مسلم، كما سبق بيانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.