كُنهه، كلامٌ مولّدٌ. انتهى. وَقَالَ الأزهريّ: اكتنهتُ الأمر اكتناهًا: إذا بلغتَ كنهه. انتهى.
وفي الرواية التالية:"منْ قتل نفسًا مُعاهدةً بغير حِلِّها". وللبيهقي منْ رواية صفوان بن سليم، عن ثلاثين منْ أبناء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن آبائهم، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظ:"منْ قتل معاهدا، له ذمة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-".
(حَرَّمَ) بتشديد الراء، منْ التحريم (اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) أي منعه منْ دخولها أوّلاً، أو بالاستحقاق. أفاده السنديّ. وَقَالَ فِي "العون" ٧/ ٣١٣ - : أي لا يدخلها مع أول منْ يدخلها منْ المسلمين الذين لم يقترفوا الكبائر.
وَقَالَ الحافظ فِي "الفتح" ١٤/ ٢٥٧ - : والمراد بهذا النفي، وإن كَانَ عاما التخصيص بزمانٍ مّا؛ لِمَا تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية، أن منْ مات مسلما, ولو كَانَ منْ أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه، غير مخلد فِي النار، ومآله إلى الجنة، ولو عُذِّبَ قبل ذلك. انتهى.
وَقَالَ الشوكانيّ: وأما قاتل المعاهد، فالحديثان مصرّحان بأنه لا يجد رائحة الجنة، وذلك مستلزم لعدم دخولها أبدًا، وهذان الحديثان، وأمثالهما ينبغي أن يُخصّص بهما عموم الأحاديث القاضية بخروج الموحّدين منْ النار، ودخولهم الجنة بعد ذلك. انتهى "نيل الأوطار" ٧/ ١٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الشوكانيّ تخصيص العمومات بهذا الْحَدِيث، فيه نظرٌ لا يخفى، فالأولى ما عليه الجمهور، كما تقدّم آنفًا عن الحافظ، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
وفي الرواية التالية:"حرّم الله عليه الجنّة أن يشُمّ ريحها". وفي حديث القاسم بن مُخيمِرة، عن رجل منْ أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الآتي بعد حديث:"منْ قتل رجلاً منْ أهل الذمّة لم يجد ريح الجنّة، وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة سبعين عامًا". وفي حديث عبد الله بن عمرو الآتي فِي هَذَا الباب أيضًا:"منْ قتل قتيلاً منْ أهل الذّمّة لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة أربعين عامًا". وسيأتي الجمع بين هذه الروايات فِي الْحَدِيث الثالث، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.