للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ النوويّ: قَالَ العلماء المعروف فِي الروايات رواية البخاريّ -يعني الرواية الآتية فِي الباب التالي- وَقَدْ ذكرها البخاريّ منْ طرقه الصحيحة, وكذا رواه أصحاب "كتب السنن".

قَالَ: إنهما قضيتان: أما الرُّبَيِّع الجارحة فِي رواية البخاريّ، وأخت الجارحة فِي رواية مسلم، فهي بضم الراء، وفتح الباء، وتشديد الياء، وأما أم الرَّبِيع الحالفة فِي رواية مسلم، فبفتح الراء، وكسر الباء، وتخفيف الياء. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ١٦٤ - ١٦٥.

وَقَالَ الحافظ فِي "الفتح" ١٤/ ٢٠١ - : جزم ابن حزم بأنهما قصتان صحيحتان، وقعتا لامرأة واحدة: [إحداهما]: أنها جرحت إنسانا، فقضي عليها بالضمان، والأخرى أنها كسرت ثنية جارية، فقضي عليها بالقصاص، وحلفت أمها فِي الأولى، وأخوها فِي الثانية. وَقَالَ البيهقي -بعد أن أورد الروايتين-: ظاهر الخبرين يدل عَلَى أنهما قصتان، فإن قُبِل هَذَا الجمع، وإلا فثابت أحفظ منْ حميد.

قَالَ الحافظ: فِي القصتين مغايرات: منها: هل الجانية الرُّبَيِّع، أو أختها، وهل الجناية كسر الثنية، أو الجراحة، وهل الحالف أم الرَّبِيع، أو أخوها أنس بن النضر، وأما ما وقع فِي أول "الجنايات" عند البيهقي منْ وجه آخر، عن حميد، عن أنس، قَالَ: لطمت الرُّبَيِّعُ بنت مُعَوَّذ جارية، فكسرت ثنيتها، فهو غلط فِي ذكر أبيها، والمحفوظ أنها بنت النضر، عمة أنس -رضي الله عنه- كما وقع التصريح به، فِي صحيح البخاريّ. انتهى "فتح" ١٤/ ٢٠١.

(فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ) قَالَ النوويّ: هما منصوبان: أي أَدُّوا القصاص، وسَلِّموه إلى مستحقه. انتهى. وَقَالَ القرطبيّ: الرواية بنصب "القصاص" فِي اللفظين، ولا يجوز غيره، وهو منصوب بفعل مضمر، لا يجوز إظهاره، تقديره: ألزمكم القصاص، أو أقيموا القصاص، غير أن هَذَا الفعل لا تظهره العرب قطّ؛ لأنهم استغنوا عنه بتكرار اللفظ، كما قالوا: الجدارَ الجدارَ، والصبيَّ الصبيَّ. انتهى.

(فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ) بفتح الراء، وكسر الموحّدة، وتخفيف الياء (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ، لَا وَاللهِ، لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا) هَذَا إخبارٌ منها بأن الكسر لا يتحقّق، وليس ردّا للحكم. وَقَالَ النوويّ: هَذَا ليس معناه ردّ حكم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بل المراد به الرغبة إلى مستحقّ القصاص أن يعفو، وإلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الشفاعة إليهم فِي العفو، وإنما حلفت ثقة بهم أن لا يُحَنِّثُوها، أو ثقة بفضل الله، ولطفه أن لا يحنثها بل يلهمهم العفو. انتهى.