للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فِي غزوة تبوك، ومعنا صاحب لنا، فقاتل رجلا منْ المسلمين، فعض الرجل ذراعه"، ويؤيده أيضا رواية عُبيد بن عُقيل عند النسائيّ ١٩/ ٤٧٦٦ - بلفظ: أن رجلا منْ بني تميم، قاتل رجلاً، فعضّ يده"، فإن يعلى تميمي. وأما أجيره فإنه لم يقع التصريح بأنه تميمي، وأخرج النسائيّ أيضا ٢٠/ ٤٧٧٤ - منْ رواية محمد بن مسلم الزهريّ، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، نحو رواية سلمة، ولفظه: "فقاتل رجلاً، فعض الرجل ذراعه، فلما أوجعه نترها"، وعرف بهذا أن العاضَّ هو يعلي بن أمية، ولعل هَذَا هو السر فِي إبهامه نفسه.

وَقَدْ أنكر القرطبيّ أن يكون يعلى هو العاضَّ، فَقَالَ: يظهر منْ هذه الرواية أن يعلى هو الذي قاتل الأجير، وفي الرواية الأخرى: أن أجيرا ليعلى عضَّ يد رجل، وهذا هو الأولى، والأليق؛ إذ لا يليق ذلك الفعل بيعلى، مع جلالته وفضله.

قَالَ الحافظ: لم يقع فِي شيء منْ الطريق أن الأجير هو العاضّ، وإنما التبس عليه أن فِي بعض طرقه عند مسلم -كما بينته-: "أن أجيرا ليعلى عض رجل ذراعه"، فجوز أن يكون العاضّ، غير يعلى، وأما استبعاد أن يقع ذلك منْ يعلى مع جلالته، فلا معنى له، مع ثبوت التصريح به فِي الخبر الصحيح، فيحتمل أن يكون ذلك صدر منه فِي أوائل إسلامه، فلا استبعاد.

وَقَالَ النوويّ: وأما قوله -يعني فِي الرواية الأولى-: "أن يعلى هو المعضوض"، وفي الرواية الثانية، والثالثة: "المعضوض هو أجير يعلى، لا يعلى"، فَقَالَ الحفاظ: الصحيح المعروف أن المعضوض أجير يعلى، لا يعلى، قَالَ: ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى، ولأجيره فِي وقت، أو وقتين، وتعقبه شيخنا -يعني الحافظ العراقيّ- فِي "شرح الترمذيّ" بأنه ليس فِي رواية مسلم، ولا رواية غيره، فِي الكتب الستة، ولا غيرها: أن يعلى هو المعضوض، لا صريحا, ولا إشارة، وَقَالَ شيخنا: فيتعين عَلَى هَذَا أن يعلى هو العاضّ. والله أعلم.

قَالَ الحافظ: وإنما تردد عياض، وغيره فِي العاض، هل هو يعلى، أو آخر أجنبي كما قدمته، منْ كلام القرطبيّ، والله أعلم. انتهى "الفتح" ١٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨. (فَانْتَزَعَ يَدَهُ) زاد فِي رواية زُرارة التالية: "منْ فيه": أي اجتذبها منْ فمه، وفي رواية هشام، عن عروة، عند مسلم: "عَضّ ذراع رجل، فجذبه"، وفي حديث يعلى الآتي فِي ٤٧٧١ - "فعض أحدهما إصبع صاحبه فانتزع إصبعه".

قَالَ الحافظ: وفي الجمع بين الذراع، والإصبع عسر، ويبعد العمل عَلَى تعدد القصة؛ لاتحاد المخرج؛ لأن مدارها عَلَى عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، فوقع