وَقَدْ قَالَ يحيى بن عمر: لو بلغ مالكا هَذَا الْحَدِيث لما خالفه، وكذا قَالَ ابن بطال: لم يقع هَذَا الْحَدِيث لمالك، وإلا لما خالفه. وَقَالَ الداودي: لم يروه مالك؛ لأنه منْ رواية أهل العراق. وَقَالَ أبو عبد الملك: كأنه لم يصح الْحَدِيث عنده؛ لأنه أتى منْ قبل المشرق.
قَالَ الحافظ: وهو مُسَلَّم فِي حديث عمران -رضي الله عنه-، وأما طريق يعلي بن أمية، فرواها أهل الحجاز، وحملها عنهم أهل العراق. واعتذر بعض المالكية بفساد الزمان، ونقل القرطبيّ عن بعض أصحابهم: إسقاط الضمان، وَقَالَ: وضَمَّنه الشافعيّ، وهو مشهور مذهب مالك. وتُعُقّب بأن المعروف عن الشافعيّ: أنه لا ضمان، وكأنه انعكس عَلَى القرطبيّ. انتهى "فتح" ١٤/ ٢١١.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما سبق أن الصواب هو ما ذهب إليه الجمهور منْ أنه لا يلزم المعضوض قصاص، ولا دية؛ لصريح النصّ، والقياس فِي مقابلة النصّ باطلٌ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.
و"عمرو بن عليّ": هو الفلّاس. و"يزيد": هو ابن زريع. و"زُرارة" -بضم الزاي المعجمة، ثم مهملتين، الأولى خفيفة، بينهما ألف، بغير همز- ابن أوفى: هو العامريّ الْحَرَشيّ -بمهملة، وراء مفتوحتين، ثم معجمة- أبو حاجب البصريّ، قاضيها، الثقة العابد [٣] ٢٧/ ٩١٧.
[تنبيه]: وقع عند الإسماعيلي، فِي رواية علي بن الجعد، عن شعبة: أخبرني قتادة، أنه سمع زرارة. قاله فِي "الفتح" ١٤/ ٢٠٧. والسند مسلسلٌ بالبصريين، وفيه أن شيخه أحد مشايخ الأئمة الستة بلا واسطة، وَقَدْ مرّ غير مرّة، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ. وقوله:"فانتُزِعَت ثنيّتُه" بالبناء للمفعول: أي قُلِعت.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق شرحه، وبيان مسائله فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.