(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢١/ ٤٧٧٣ - وفي "الكبرى" ٢٠/ ٦٩٧٥. وأخرجه (د) فِي "الديات" ٤٥٣٦. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان ثبوت القصاص فِي الطعنة، وَقَدْ عرفت أن الْحَدِيث ضعيف، لكن الأصحّ ثبوت القصاص؛ لما سيأتي فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى. (ومنها): بيان ما كَانَ عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ التواضع، وحسن العشرة مع النَّاس، حيث طلب منْ الذي طعنه تأديبًا، أن يقتصّ منه -صلى الله عليه وسلم-. (ومنها): تواضعه -صلى الله عليه وسلم- أيضًا حيث كَانَ يتولّى القسمة بين النَّاس بنفسه، مع كون الصحابة -رضي الله عنهم- مستعدّين لتنفيذ ما يأمرهم به، عَلَى الوجه المطلوب، إلا أنه آثر نفسه بذلك تحقيقًا لمعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنا قاسم، والله يعطي"، متّفق عليه. (ومنها): مشروعية منْ أساء الأدب، لكن بغير الضرب، كالتعنيف، ونحوه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي القصاص منْ الطعنة، ونحوها:
وَقَدْ حقّق هذه المسألة الإِمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله تعالى فِي "تهذيب السنن"، بما لا تجده عند غيره منْ المحقّقين، أحببت إيراده بطوله؛ تتميمًا للفائدة، وتكميلًا للعائدة، قَالَ رحمه الله تعالى:
قد اختلف النَّاس فِي هذه المسألة، وهي القصاص فِي اللطمة، والضربة، ونحوهما، مما لا يمكن المقتصّ أن يفعل بخصمه مثل ما فعله به منْ كلّ وجه، هل يسوغ القصاص فِي ذلك، أو يُعدل إلى عقوبته بجنس آخر، وهو التعزير؟ عَلَى قولين:
[أصحّهما]: أنه شُرع فيه القصاص، وهو مذهب الخلفاء الراشدين، ثبت ذلك عنهم، حكاه عنهم أحمد، وأبو إسحاق الْجُوزجانيّ فِي "المترجم"، ونصّ عليه الإِمام أحمد فِي رواية الشالنجيّ، وغيره، قَالَ شيخنا -يعني ابن تيميّة-: وهو قول جمهور السلف.
[القول الثاني]: أنه لا يُشرع فيه القصاص، وهو المنقول الشافعيّ، ومالك، وأبي حنيفة، وقول المتأخّرين منْ أصحاب أحمد، حَتَّى حكى بعضهم الإجماع عَلَى أنه لا قصاص فيه، وليس كما زَعَم، بل حكاية إجماع الصحابة عَلَى القصاص أقرب منْ حكاية الإجماع عَلَى منعه، فإنه ثبت عن الخلفاء الراشدين، ولا يُعلم لهم مخالف فيه.