للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ابن عباس) عبد الله رضي الله تعالى عنهما ٢٧/ ٣١. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى) بن عامر الثعلبيّ (أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ فِي أَبٍ كَانَ لَهُ) أي لابن عبّاس (فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أي منْ مشركي الجاهليّة (فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ) أي ضربه بباطن كفّه (فَجَاءَ قَوْمُهُ) أي قوم ذلك الملطوم (فَقَالُوا: لَيَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ) أي قصاصًا للطمه (فَلَبِسُوا السِّلَاحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ) بكسر العين المهملة، منْ باب تعب: أي رقيه؛ ليكلّم القوم فِي شأن العبّاس -رضي الله عنه-، وفيه أن الإِمام يطلب العفو فِي القود، إذا رأى فيه مصلحةً (فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ أَهْلِ الْأَرْضِ تَعْلَمُونَ، أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ ") "أيُّ أهل الأرض": اسم استفهام، مبتدأ، خبره "أكرم عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ"، و"تعلمون" ملغاة؛ لتوسّطها، ويجوز إعمالها، فيكون "أيّ أهل الأرض" بالنصب مفعولها الأول، و"أكرم" بالنصب مفعولها الثاني، كما قَالَ ابن مالك فِي "الخلاصة":

وَجَوِّزِ الإِلْغَاءَ لَا فِي الابْتِدَا

(فَقَالُوا: أَنْتَ) أي أنت أكرم أهل الأرض كلّهم عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ (فَقَالَ: "إِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ) أي فلا ينبغي لكم أن تؤذوه؛ أي لأنه يكون إيذاءً له -صلى الله عليه وسلم-، ومن آذاه، فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه" (١) (لَا تَسُبُّوا مَوْتَانَا) أي لا تعيّرهم، ولا تجهروا بلعنهم عند أقاربهم المسلمين (فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا) بسبب ما فيهم منْ الحنان والشفقة النسبيّة، قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: فيه أن السباب مؤذٍ، فإذا بدأ بالسبّ، وعاد إليه شيء منْ الأذى بسببه، فلا ينبغي له أن يطلب فيه القود؛ لأنه جاءه كالجزاء لعمله. انتهى (فَجَاءَ الْقَوْمُ) أي قوم الرجل الذي لطمه العبّاس، وطلبوا منه القصاص له (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ) أي لأنه سبب لغضب الله


(١) أخرج أحمد فِي "مسنده"، والترمذيّ فِي "جامعه" بسند فيه مجهولٌ، منْ حديث عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الله الله فِي أصحابي، الله الله فِي أصحابي، لا تتخذوهم غَرَضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه"، قَالَ أبو عيسى: هَذَا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا منْ هَذَا الوجه. لكن قد عرفت أن فِي سنده مجهولاً، وهو عبد الرحمن بن زياد، فتحسينه مما لا يستحسن. والله تعالى أعلم.