فَضْلِهِ} فِي أَخْذِهِمُ الدِّيَةَ) ولفظ "الكبرى"، و"سنن ابن ماجه": {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ} والمراد أن الله تعالى أغناهم بشرع الدية، فأخذوها.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي ذُكر فِي هَذَا الْحَدِيث منْ سبب نزول هذه الآية، قد ذكره الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى فِي "تفسيره"، فَقَالَ:
وقوله:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} ذُكر لنا أن المنافق الذي ذكر الله عنه أنه قَالَ كلمة الكفر، كَانَ فقيرا فأغناه والله، بأن قُتل له مولى، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ديته، فلما قَالَ ما قَالَ، قَالَ الله تعالى:{وَمَا نَقَمُوا} يقول: ما أنكروا عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، إلا أن أغناهم الله ورسوله منْ فضله.
ذِكرُ منْ قَالَ ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قَالَ: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} وكان الجلاس قُتل له مولى له، فأمر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بديته، فاستغنى، فذلك قوله:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}. قَالَ: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، قَالَ: قضى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالدية اثني عشر ألفا، فِي مولى لبني عدي بن كعب، وفيه أنزلت هذه الآية:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}. حدثنا بشر، قَالَ: ثنا يزيد، قَالَ ثنا سعيد، عن قتادة:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} قَالَ: كانت لعبد الله بن أُبَيّ دية، فأخرجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له. حدثني المثنى، قَالَ: ثنا إسحاق، قَالَ: ثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، قَالَ: ثنا عمرو، قَالَ: سمعت عكرمة، أن مولى لبني عدي بن كعب، قَتل رجلا منْ الأنصار، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدية اثني عشر ألفا، وفيه أنزلت:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} , قَالَ عمرو: لم أسمع هَذَا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا منْ عكرمة -يعني الدية اثني عشر ألفا-. حدثنا صالح بن مسمار، قَالَ: ثنا محمد بن سنان الْعَوَفيّ، قَالَ: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جعل الدية اثني عشر ألفا، فذلك قوله:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} قَالَ: بأخذ الدية. انتهى "تفسير ابن جرير" ١٤/ ٣٦٦ - ٣٦٧.
وقوله:(وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ) يعني أن لفظ الْحَدِيث المذكور لشيخه أبي داود الحرّانيّ، وأما محمد بن المثنّى، فرواه بمعناه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.