الله، إني قد وهبتها له، قَالَ:"فهلا قبل أن تأتيني به؟ "، قَالَ: فقلت: يا رسول الله، إنهم يقولون: لا يدخل الجنة إلا منْ قد هاجر، فَقَالَ:"لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفِرتم فانفروا". متَّفقٌ عليه.
وطاوس سماعه منْ صفوان بن أمية، ممكن؛ لأنه أدرك زمن عثمان، وذكر يحيى القطّان، عن زهير، عن ليث، عن طاوس، قَالَ: أدركت سبعين شيخا، منْ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وَقَدْ قيل: إن طاوسًا تُوفي وهو ابن بضع وسبعين سنة، فِي سنة ست ومائة، قَالَ: فإذا كَانَ سنه هَذَا، فغير ممكن سماعه منْ صفوان بن أمية؛ لأن صفوان توفي سنة ست وثلاثين، وقيل: كانت وفاته بمكة، عند خروج النَّاس إلى الجمل.
وَقَدْ رُوي هَذَا الْحَدِيث عن طاوس، وعكرمة، عن ابن عباس، ذكره البزار منْ حديث الأشعث بن سوار، عن عكرمة، عن ابن عباس، ومن حديث زكرياء بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا لفظ حديث الأشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس، قَالَ: كَانَ صفوان بن أمية، نائما فِي المسجد، فجاءه رجل، فأخذ رداءه، منْ تحت رأسه، فاتبعه، فأدركه، فأتى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: هَذَا سرق ردائي، منْ تحت رأسي، فأمر به أن يُقطع، فَقَالَ: إن ردائي لم يبلغ أن يقطع فيه هَذَا، قَالَ:"أفلا قبل أن تأتيني به".
قَالَ البزار: ورواه جماعة عن عكرمة مرسلاً.
ثم ساقه أبو عمر بسنده إلى النسائيّ، فِي روايته عن أحمد بن عثمان بن حكيم الآتية فِي الباب التالي رقم ٤٨٨٥. انتهى كلام أبي عمر رحمه الله تعالى فِي كتابه "التمهيد" ١١/ ٢١٥ - ٢٢٠.
وذكر الحافظ أبو الحسن ابن القطّان فِي كتابه "بيان الوهم والإيهام": وذكر -يعني الحافظ عبد الحقّ الإشبيليّ صاحب "الأحكام الوسطى"- منْ طريق النسائيّ، عن صفوان ابن أمية، قَالَ: كنت نائما فِي المسجد عَلَى خميصة لي ثمنها ثلاثون درهمًا، فجاء رجل، فاختلسها … الْحَدِيث. ثم قَالَ: رواه سماك بن حرب، عن حُميد ابن أخت صفوان، عن صفوان. وعبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن صفوان، وأشعث بن براز، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قَالَ: كَانَ صفوان نائمًا فِي المسجد. ورواه عمرو بن دينار، عن طاوس، عن صفوان. ذكر هذه الطرق النسائيّ. ورواه مالك فِي "الموطإ" عن ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، أن صفوان بن أُميّة. وَقَدْ روي منْ غير هَذَا الوجه، ولا أعلمه يتّصل منْ وجه يُحتجّ به. انتهى.
قَالَ ابن القطّان: ولم يتبيّن به علته، وفيه وهم بيّنٌ، وهو تفسيره أشعث بأنه ابن