وكشر فلان لفلان: إذا تنمّر له، وأوعده، كأنه سبع، ويقال: اكشر عن أنيابك: أي أوعده، وهو مجاز. انتهى "لسان العرب" ٥/ ١٤٥ - بزيادة منْ "تاج العروس، شرح القاموس" ٣/ ٥٢٣.
فالمعنى هنا أن هَذَا الرجل أظهر يديه، ورجليه، وهي مقطوعة، فحرّكها حَتَّى تهرب الإبل، كما يدلّ عليه قوله:"فانصدعت الإبل"، وهذا معنى صحيح، لا غبار عليه، ولا معنى لدعوى التحريف، وأن ما وقع فِي "المجتبى" بالشين المعجمة أظهر مما وقع فِي "الكبرى" بالمهملة.
وقوله:"فتصدعت الإبل": أي تفرّقت. وتمام شرح الْحَدِيث يُعلم مما سبق فِي شرح حديث الحارث بن حاطب رضي الله تعالى عنهما.
وقوله:"قَالَ أبو عبد الرحمن الخ": ونصّ "الكبرى": قَالَ أبو عبد الرحمن: ومصعب بن ثابت ليس بالقويّ، ويحيى القطّان لم يتركه، وهذا الْحَدِيث ليس بصحيح، ولا أعلم فِي هَذَا الباب حديثًا صحيحًا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. انتهى.
وهذا الذي قاله المصنّف رحمه الله تعالى، محلّ نظر، وَقَدْ أجاد الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى فِي "الإرواء"، حيث قَالَ ما حاصله: لم يتفود مصعب بالحديث، فقد تابعه هشام بن عروة، وله عنه ثلاث طرق:[الأولى]: عن محمد بن يزيد بن سنان، نا أبي عنه. ومحمد بن سنان، وأبوه ضعيفان. [الثانية]: عن عائذ بن حبيب، عنه. وعائذ صدوقٌ، كما فِي "التقريب". [الثالثة]: عن سعيد بن يحيى، نا هشام بن عروة به مثله. وسعيد هَذَا هو ابن يحيى بن صالح اللَّخْميّ، قَالَ عنه فِي "القريب": صدوقٌ وسطٌ، ماله فِي البخاريّ سوى حديث واحد.
أخرج هذه الطرق كلها الدارقطنيّ فِي "السنن"، قَالَ الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى: وهي، وإن كانت لا تخلوا مفرداتها منْ ضعف، ولكنه ضعف يسير، فبعضها يقوّي بعضًا، كما هو مقرّر فِي "المصطلح"، فإذا انضمّ إليها طريق مصعب ازداد الْحَدِيث بذلك قوّةً، لاسيّما، وله شاهد منْ حديث الحارث بن حاطب، مع شيء منْ المغايرة فِي لفظه، يعني الْحَدِيث المذكور فِي الباب الماضي.
قَالَ: والخلاصة أن الْحَدِيث منْ رواية جابر ثابت بمجموع طريقيه، وهو فِي المعنى مثل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فهو عَلَى هَذَا صحيحٌ، إن شاء الله تعالى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أشار إليه هو ما أخرجه الدارقطنيّ فِي "سننه" منْ طريق الواقديّ، عن ابن أبي ذئب، عن خالد بن سلمة، أراه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إن سرق، فاقطعوا يده، ثم