للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحياء، وإماطة الأذى منْ الإيمان". قَالَ تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: ١٧]، قيل: معناه: بمصدّق لنا، إلا أن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ} [النِّساء: ٥١]، فذلك مذكور عَلَى سبيل الذمّ لهم، وأنه قد حصل لهم الأمن بما لا يقع به الأمن، إذ ليس منْ شأن القلب -ما لم يكن مطبوعًا عليه- أن يطمئنّ إلى الباطل، وإنما ذلك كقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦]، وهذا كما يقال: إيمانه الكفر، وتحيّته الضرب، ونحو ذلك. وجعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصل الإيمان ستة أشياء فِي خبر جبريل، حيث سأله، فَقَالَ: ما الإيمان؟، والخبر معروف. انتهى "مفردات ألفاظ القرآن" ص ٩١ - ٩٢.

وَقَالَ ابن منظور رحمه الله تعالى: وحَدّ الزَّجّاج الإيمانَ، فَقَالَ: الإيمان: إظهار الخضوع، والقبول للشريعة، ولما أتى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، واعتقاده، وتصديقه بالقلب، فمن كَانَ عَلَى هذه الصفة، فهو مؤمنٌ مسلمٌ، غير مُرتاب، ولا شاكّ، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه، لا يدخله فِي ذلك ريبٌ، وفي التنزيل العزيز: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧]: أي بمصدّق، فالإيمان: التصديق. وَقَالَ فِي "التهذيب": وأما الإيمان، فهو مصدر آمن يؤمن إيمانًا، فهو مؤمنٌ، واتّفق أهل العلم منْ اللغويين، وغيرهم أن الإيمان: معناه التصديق، قَالَ الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} الآية [الحجرات: ١٤]، قَالَ: وهذا موضع يحتاج إلى تفهيمه، وأين ينفصل المؤمن منْ المسلم، وأين يستويان، والإسلام: إظهار الخضوع، والقبول لما أتى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-, وبه يُحْقَن الدم، فإن كَانَ مع ذلك الإظهارِ اعتقادٌ، وتصديقٌ بالقلب، فذلك الإيمانُ الذي يقال للموصوف به هو مؤمنٌ مسلمٌ، وهو المؤمن بالله تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، غير مرتاب، ولا شاكّ، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجبٌ عليه، وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه، لا يدخله فِي ذلك ريبٌ، فهو المؤمن، وهو المسلم حقًّا، كما قَالَ الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: ١٥]: أي أولئك الذين قالوا إنا مؤمنون، فهم الصادقون، فأما منْ أظهر قبول الشريعة، واستسلم لدفع المكروه، فهو فِي الظاهر مسلم، وباطنه غير مصدّق، فذلك الذي يقول: أسلمت؛ لأن الإيمان لابدّ منْ أن يكون صاحبه صِدِّيقًا؛ لأن قولك: آمنت بالله، أو قَالَ قائل: آمنت بكذا وكذا، فمعناه: صدّقت، فأخرج الله هؤلاء منْ الإيمان، فَقَالَ: {وَلَمَّا يَدْخُلِ