للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَكِنْ لَهَا عَلَامَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا) ببناء الفعل للمفعول (إِذَا رَأَيْتَ) هذه الجملة تفسير للعلامات (الرِّعَاءَ الْبُهُمَ) بضمتين: نعت للرعاء: أي السود، وقيل: جمع بَهِيم، بمعنى المجهول: أي الذين لا يُعرفون، ومنه أُبهم الأمر: إذا لم تُعرف حقيقته. وقيل: الفقراء الذي لا شيء لهم، وعلى هَذَا فهم رعاء لإبل غيرهم، لا لإبلهم، إذ المفروض أنه لا شيء لهم، وَقَدْ يقال: منْ يملك قدر القوت عَلَى وجه الضيق لا يسمّى غنيًّا، ولا يوصف بأن عنده شيئًا، فلا إشكال. أفاده السنديّ.

وفي رواية لمسلم: "رعاء الْبَهْمِ" بالإضافة: قَالَ النوويّ: هو بفتح الباء، وإسكان الهاء، وهي الصغار منْ ألاد الغنم: الضأن، والمعز جميعًا، وقيل: أولاد الضأن خاصّةً، واقتصر عليه الجوهريّ فِي "صحاحه"، والواحدة بَهْمَة، قَالَ الجوهريّ: وهي تقع عَلَى المذكّر والمؤنّث، والسِّخال أولاد المعزى، قَالَ: فإذا جمعت بينهما قلت: بهام، وبهَم أيضًا. وقيل: إن البهم يختصّ بأولاد المعز، وإليه أشار القاضي عياض بقوله: وَقَدْ يختصّ بالمعز، وأصله كلّ ما استبهم عن الكلام، ومنه البهيمة. انتهى. "شرح مسلم" ١/ ١٦٣ - ١٦٤.

وَقَالَ القرطبيّ: ورواية مسلم فِي رعاء البَهْم منْ غير ذكر الإبل أولى؛ لأنها الأنسب لمساق الْحَدِيث، ولمقصوده، فإن مقصوده أن أضعف أهل البادية، وهم رعاء الشاء سينقلب بهم الحال إلى أن يصيروا ملوكًا، مع ضعفهم، وبُعدهم عن أسباب ذلك، وأما أصحاب الإبل فهم أهل الفخر والخيلاء؛ فإن الإبل عزّ لأهلها، ولأن أهل الإبل ليسوا عالةً، ولا فقراء غالبًا. انتهى "المفهم" ١/ ١٥٠ - ١٥١. وَقَدْ تقدّم البحث فِي هَذَا فِي الباب الماضي بأتمّ مما هنا، فراجعه تستفد.

(يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ) أي يتفاخرون فِي تشييد البنيان (وَرَأَيْتَ الحُفَاةَ الْعُرَاةَ، مُلُوكَ الْأَرْضِ) أي رؤساء النَّاس (وَرَأَيتَ الْمَرأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا) تقدّم الخلاف فِي المراد بالربّ هنا. قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: قد اقتصر فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَى ذكر بعض الأشراط التي يكون وقوعها قريبًا منْ زمانه، وإلا فالشروط كثيرة، وهي أكثر مما ذُكر هنا، كما دلّ عليه الكتاب، والسنّة، ثم إنها منقسمة إلى ما يكون منْ نوع المعتاد، كهذه الأشراط المذكورة فِي هَذَا الْحَدِيث، وكرفع العلم، وظهور الجهل، وكثرة الزنا، وشرب الخمر، إلى غير ذلك، وأما التي ليست منْ النوع المعتاد، فكخروج الدجّال، ونزول عيسى ابن مريم عليهما السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، ودابة الأرض، وطلوع الشمس منْ مغربها، والدخان، والنار التي تسوق النَّاس، وتحشرهم. انتهى "المفهم" ١/ ١٥٥.