عندهم أن كلّ طاعة، فهي داخلة فِي الإيمان، سواء كانت منْ أعمال الجوارح، أو القلوب، أو منْ الأقوال، وسواء فِي ذلك الفرائض، والنوافل، هَذَا قول الجمهور الأعظم منهم، وحينئذ، فهذا لا ينحصر فِي بضع وسبعين، بل يزيد عَلَى ذلك زيادة كثيرةً، بل هي غير منحصرة.
[قيل]: يمكن أن يجاب عن هَذَا بأجوبة: [أحدهما]: أن يقال: إن عدد خصال الإيمان عند قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ منحصرًا فِي هَذَا العدد، ثم حدثت الزيادة فيه بعد ذلك، حَتَّى كملت خصال الإيمان فِي آخر حياة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. وفي هَذَا نظر.
[والثاني]: أن تكون خصال الإيمان كلّها تنحصر فِي بضع وسبعين نوعًا، وإن كانت أفراد كل نوع تتعدّد تعدّدًا كثيرًا، وربّما كَانَ بعضها لا ينحصر. وهذا أشبه، وإن كَانَ الوقوف عَلَى ذلك يعسر، أو يتعذّر.
[والثالث]: أن ذكر السبعين عَلَى وجه التكثير للعدد، لا عَلَى وجه الحصر، كما فِي قوله تعالى:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠]، والمراد تكثير التعداد منْ غير حصوله هَذَا فِي العدد، ويكون ذكره للبضع يُشعر بذلك، كأنه يقول: هو يزيد عَلَى السبعين المقتضية لتكثير العدد، وتضعيفه. وهذا ذكره بعض أهل الْحَدِيث منْ المتقدّمين، وفيه نظر.
[والرابع]: أن هذه البضع وسبعين هي أشرف خصال الإيمان وأعلاها، وهو الذي تدعو إليه الحاجة منها. قاله ابن حامد منْ الحنابلة. انتهى كلام ابن رَجَب رحمه الله تعالى "شرح البخاريّ" ١/ ٣٤ - ٣٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول الثاني أظهر الأقوال، وأقربها إلى الفهم، كما سبق ميل ابن رَجَب رحمه الله تعالى إليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"أحمد بن سليمان": هو أبو الحسين الرُّهاويّ الثقة الحافظ [١١] ٣٨/ ٤٢ منْ أفراد المصنّف. و"أبو داود": هو عمر بن سَعْد الْحَفَريّ الثقة العابد [٩] ١٥/ ٥٢٣. و"أبو نعيم": هو الفضل بن دُكين التيميّ مولاهم الكوفيّ، واسم دُكين عمرو بن حمّاد بن زُهير، ثقة ثبت [٩] ١١/ ٥١٦. و"سفيان": هو