للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"عطاء بن ميناء" -بكسر الميم-: هو أبو معاذ المدنيّ، وقيل: البصريّ، صدوقٌ [٣].

وقوله: "انتدب الله": أي سارع الله سبحانه وتعالى بثوابه، وحسن جزائه. وقيل: بمعنى أجاب إلى المراد. وقيل: بمعنى تكفّل بالمطلوب.

وقوله: "لا يُخرجه إلا الإيمان بي": هو بالرفع عَلَى أنه فاعل "يُخرج"، والاستثناء مفرّغ. وقوله: "بي": فيه عدول عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلّم، قَالَ ابن مالك: كَانَ الظاهر أن يقال: إلا الإيمان به، والجهاد فِي سبيله، ولكنه عَلَى تقدير اسم فاعل منْ القول، منصوب عَلَى الحال: أي انتدب الله لمن خرج فِي سبيله، قائلاً: لا يُخرجه إلا إيمان بي، و"لا يخرجه" مقول القول؛ لأن صاحب الحال عَلَى هَذَا التقدير هو "الله". وتعقّبه شهاب الدين بن المرحل بأن حذف الحال لا يجوز، وأن التعبير باللائق هنا غير لائق، فالأولى أنه منْ باب الالتفات، وهو متجه. قاله فِي "الفتح" ١/ ١٢٩ - ١٣٠.

وتعقّبه السيوطيّ، فَقَالَ: هَذَا خطأ، فإن شرط الالتفات أن تكون الجملتان منْ متكلّم واحد، وقوله: "انتدب الله لمن خرج فِي سبيلي" منْ كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: "لا يخرجه إلا الإيمان بي، والجهاد فِي سبيلي"، منْ كلام الله تعالى، فلا يصحّ أن يكون التفاتًا؛ لأن الجملتين ليستا منْ متكلّم واحد، فتعين ما قاله ابن مالك، وقوله: "إن حذف الحال لا يجوز"، جوابه أنه منْ باب حذف القول، وحذفُ القول منْ البحر حدّث عنه، ولا حرج. انتهى "زهر الربى" ٨/ ١١٩ - ١٢٠.

وقوله: "ضامنٌ": أي ذو ضمان، أو مضمون له، فهو فاعل بمعنى مفعول. وقوله: "أن أدخله" منْ الإدخال.

وقوله: "بأيّهما كَانَ": متعلق بـ"أدخله": أي بأيّ السببين، وهما اللذان أبدلهما منْ "أيّهما" بقوله: "إما بقتل، أو وفاة"، والمراد منْ الوفاة: الموت بسبب غير القتل فِي الجهاد.

والحديث متّفق عليه، وتقدّم فِي "كتاب الجهاد" ١٤/ ٣١٢٢ و٣١٢٣. وَقَدْ استوفيت شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٠٣٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضى الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَضَمَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانٌ بِي، وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، فَهُوَ ضَامِنٌ، أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ، الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَالَ مَا