للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأربع؛ لقوله: "وعقد واحدة"، وكأن القاضي أراد أن يرفع الإشكال، منْ كون الإيمان واحدا، والموعود بذكره أربعا، وَقَدْ أجيب عن ذلك بأنه باعتبار أجزائه المفصلة أربع، وهو فِي حد ذاته واحد، والمعنى أنه اسم جامع للخصال الأربع، التي ذَكَر أنه يأمرهم بها، ثم فسرها، فهو واحد بالنوع، متعدد بحسب وظائفه، كما أن المنهي عنه، وهو الانتباذ فيما يُسرع إليه الإسكار، واحد بالنوع، متعدد بحسب أوعيته.

والحكمة فِي الإجمال بالعدد قبل التفسير، أن تتشوف النفس إلى التفصيل، ثم تسكن إليه، وأن يحصل حفظها للسامع، فإذا نسي شيئا منْ تفاصيلها، طالب نفسه بالعدد، فإذا لم يستوف العدد الذي فِي حفظه، عَلِم أنه قد فاته بعض ما سمع.

وما ذكره القاضي عياض، منْ أن السبب فِي كونه لم يذكر الحجّ فِي الْحَدِيث؛ لأنه لم يكن فرض هو المعتمد، وَقَدْ قدمنا الدليل عَلَى قِدَم إسلامهم، لكن جزم القاضي بأن قدومهم كَانَ فِي سنة ثمان، قبل فتح مكة تبع فيه الواقدي، وليس بجيد؛ لأن فرض الحجّ كَانَ سنة ست، عَلَى الأصح، كما مرّ فِي موضعه، ولكن القاضي يختار أن فرض الحجّ كَانَ سنة تسع، حَتَّى لا يرد عَلَى مذهبه أنه عَلَى الفور. انتهى.

وَقَدْ احتج الشافعيّ لكونه عَلَى التراخي، بأن فرض الحجّ كَانَ بعد الهجرة، وأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ قادرا عَلَى الحجّ، فِي سنة ثمان، وفي سنة تسع، ولم يحج إلا فِي سنة عشر.

وأما قول منْ قَالَ: إنه ترك ذكر الحجّ؛ لكونه عَلَى التراخي، فليس بجيد؛ لأن كونه عَلَى التراخي لا يمنع منْ الأمر به، وكذا قول منْ قَالَ: إنما تركه لشهرته عندهم ليس بقوي؛ لأنه عند غيرهم ممن ذكره لهم أشهر منه عندهم، وكذا قول منْ قَالَ: إن ترك ذكره؛ لأنهم لم يكن لهم إليه سبيل، منْ أجل كفار مضر ليس بمستقيم؛ لاْنه لا يلزم منْ عدم الاستطاعة فِي الحال، ترك الإخبار به؛ ليعمل به عند الإمكان، كما فِي الآية، بل دعوى أنهم كانوا لا سبيل لهم إلى الحجّ ممنوعة؛ لأن الحجّ يقع فِي الاْشهر الحرم، وَقَدْ ذكروا أنهم كانوا يأمنون فيها، لكن يمكن أن يقال: إنه إنما أخبرهم ببعض الأوامر؛ لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة، فاقتصر لهم عَلَى ما يمكنهم فعله فِي الحال، ولم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام، التي تجب عليهم فعلا وتركا، ويدل عَلَى ذلك اقتصاره فِي المناهي عَلَى الانتباذ فِي الأوعية، مع أن فِي المناهي ما هو أشد فِي التحريم منْ الانتباذ، لكن اقتصر عليها لكثرة تعاطيهم لها.

وأما ما وقع فِي "كتاب الصيام" منْ "السنن الكبرى" للبيهقى منْ طريق أبي قلابة الرقاشي، عن أبي زيد الهروي، عن قرة فِي هَذَا الْحَدِيث، منْ زيادة ذكر الحجّ،