للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جيم ثقيلة، وَقَدْ تخفف، ويزاد قبلها نون ساكنة، ويقال: بحذف الألف مع الوجهين، فتلك أربع لغات، وتبلغ مع التخفيف إلى ثمانية.

(طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ) قيل: خص صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالريح؛ لأن الإيمان ألزم للمؤمن منْ القرآن، إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة، وكذلك الطعم ألزم للجوهر منْ الريح، فقد يذهب ريح الجوهر، ويبقى طعمه، ثم قيل: الحكمة فِي تخصيص الأترجة بالتمثيل، دون غيرها منْ الفاكهة، التي تجمع طيب الطعم والريح، كالتفاحة لأنه يُتَدَاوى بقشرها، وهو مفرحٌ بالخاصية، ويُستخرج منْ حَبِّها دُهن له منافع، وقيل: إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج، فناسب أن يُمَثَّل به القرآن، الذي لا تقر به الشياطين، وغلاف حبه أبيض، فيناسب قلب المؤمن، وفيها أيضًا منْ المزايا، كبر جرمها، وحسن منظرها، وتفريح لونها، ولين ملمسها، وفي أكلها مع الالتذاذ طيب نكهة، ودباغ مَعِدة، وجودة هضم، ولها منافع أخرى، مذكورة فِي "المفردات".

ووقع فِي رواية شعبة عن قتادة عند البخاريّ: "المؤمن الذي يقرأ القران، ويعمل به"، وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن، ولا يخالف ما اشتمل عليه منْ أمر ونهي، لا مطلق التلاوة.

[فإن قيل]: لو كَانَ لكثرة التقسيم، كَانَ يقال: الذي يقرأ، ويعمل، وعكسه، والذي يعمل، ولا يقرأ، وعكسه، والأقاسم الأربعة، ممكنة فِي غير المنافق، وأما المنافق، فليس له إلا قسمان فقط، لأنه لا اعتبار بعمله، إذا كَانَ نفاقه نفاق كفر.

[وكأن الجواب عن ذلك]: أن الذي حُذف منْ التمثيل قسمان: الذي يقرأ ولا يعمل، والذي لا يعمل ولا يقرأ، وهما شبيهان بحال المنافق، فيمكن تشبيه الأول بالريحانة، والثاني بالحنظلة، فاكتفى بذكر المنافق، والقسمان الآخران قد ذكرا.

(وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلَا رِيحَ لَهَا) وفي رواية للبخاريّ: "ولا ريح فيها" (وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ) بفتح الراء (رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ) وفي رواية للبخاريّ: "ومثل الفاجر (الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا) وفي رواية للبخاريّ، منْ طريق شعبة: "وريحها مر".

واستشكلت هذه الرواية منْ جهة أن المرارة، منْ أوصاف الطعوم، فكيف يوصف بها الريح.

وأجيب بأن ريحها لما كَانَ كريها، استُعير له وصف المرارة. وأطلق الزركشي هنا أن