٥٠٦٤ - "إن لِمّته لتضرب قريباً منْ منكبيه" وفي رواية البخاريّ بلفظ: "إن جُمّته لتضرب الخ". وفي رواية:"شعره يبلغ شحمة أذنيه". والجمّة -بضمّ الجيم، وتشديد الميم: شعر الرأس إذا نزل إلى قرب المنكبين. قَالَ الجوهريّ فِي حرف الواو: والوفرة: الشعر إلى شحمة الأذن، ثمّ الجمّة، ثم اللِّمّة، إذا ألمّت بالمنكبين، وَقَدْ خالف هَذَا فِي حرف الجيم، فَقَالَ: إذا بلغت المنكبين، فهي جمّة، واللمة إذا جاوزت شحمة الأذن. قَالَ الحافظ العراقيّ فِي "شرح الترمذيّ": كلام الجوهريّ الثاني هو الموافق لكلام أهل اللغة. وجمع ابن بطّال بين اللفظين المختلفين فِي الْحَدِيث بأن ذلك إخبار عن وقتين، فكان إذا غفل عن تقصيره، بلغ قريب المنكبين، وإذا قصّه لم يُجاوز الأذنين. وجمع غيره بأن الثاني كَانَ إذا اعتمر يقصر، والأول فِي غير تلك الحالة. قَالَ الحافظ: وفيه بعد. ثم هَذَا الجمع إنما يصلح لو اختلفت الأحاديث، وأما هنا فاللفظان وردا فِي حديث واحد، متّحد المخرج، وهما منْ رواية أبي إسحاق، عن البراء، فالأولى فِي الجمع بينهما الحمل عَلَى المقاربة. انتهى.
وَقَالَ فِي "الفتح" أيضًا ١١/ ٥٥٣ فِي "اللباس": وما دلّ عليه الْحَدِيث منْ كون شعر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إلى قرب منكبيه كَانَ غالب أحواله، وكان ربّما طال، حَتَّى يصير ذؤابة، ويتّخذ منه عقائص، وضفائر، كما أخرج أبو داود، والترمذيّ بسند حسن، منْ حديث أم هانىء رضي الله تعالى عنها، قالت:"قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة، وله أربع غدائر"، وفي لفظ:"أربع ضفائر"، وفي رواية ابن ماجه:"أربع غدائر -يعني ضفائر"، والغدائر -بالغين المعجمة- جمع غَديرة بوزن عظيمة، والضفائر بوزنه، فالغدائر هي الذوائب، والضفائر هي العقائص.
فحاصل الخبر أن شعره -صلى الله عليه وسلم- طال، حَتَّى صار ذوائب، فضفره أربع عقائص، وهذا محمول عَلَى الحال التي يبعد عهده بتعهّد شعره فيها، وهي حالة الشغل بالسفر، ونحوه. والله أعلم. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أنس رضي الله تعالى عنه متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: