أبي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا تَصْبُغُ) بضم الباء الموحّدة، وفتحها، يقال: صبغتُ الثوب صَبْغاً، منْ بابي نَفَعَ، ونَصَر، وفي لغة منْ باب ضرب. قاله الفيّوميّ. وإنما أفرد الضمير، وأنّثه باعتبار كلتا القبيلتين. وفي رواية الشيخين: "لا يصبغون": أي لا يخضبون، والمراد أنهم لا يصبغون لِحَاهم، ورءوسهم، فأمرنا بصبغهما، وأما خضب اليدين والرجلين فلا يجوز للرجال إلا فِي التداوي. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥٤٧ - ٥٤٨.
(فَخَالِفُوهُمْ) ولفظ الرواية التالية: "إن اليهود، والنصارى لا تصبغ، فخالفوا عليهم، فاصبغوا".
قَالَ فِي "الفتح": هكذا أطلق، ولأحمد بسند حسن، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، قَالَ: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عَلَى مشيخة منْ الأنصار، بِيضٍ لِحاهم، فَقَالَ: "يا معشر الأنصار حَمِّروا، وصَفِّروا، وخالفوا أهل الكتاب"، وأخرج الطبراني فِي "الأوسط" نحوه، منْ حديث أنس -رضي الله عنه-، وفي "الكبير" منْ حديث عتبة بن عبد، كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بتغيير الشعر، مخالفة للأعاجم.
وفي حديث ابن عمر رفعه: "غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود"، ورجاله ثقات، لكن اختلف عَلَى هشام بن عروة فيه، كما بينه النسائيّ، وَقَالَ: إنه غير محفوظ، وأخرجه الطبراني فِي "الأوسط" منْ حديث عائشة، وزاد: "والنصارى". ولأصحاب "السنن"، وصححه الترمذيّ، منْ حديث أبي ذر -رضي الله عنه- رفعه: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم"، وهذا يحتمل أن يكون عَلَى التعاقب، ويحتمل الجمع، وَقَدْ أخرج مسلم منْ حديث أنس -رضي الله عنه- قَالَ: "اختضب أبو بكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتا". وقوله: "بحتا" بموحدة مفتوحة، ومهملة ساكنة، بعدها مثناة: أي صرفا، وهذا يشعر بأن أبا بكر كَانَ يجمع بينهما دائما.
و"الكتم": نبات باليمن، يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة، وصبغ الحناء أحمر، فالصبغ بهما معا يخرج بين السواد والحمرة. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥٤٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هرير رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٤/ ٥٠٧١ و٥٠٧٢ و٥٠٧٣ و٥٠٧٤ و٦٤/ ٥٢٤٣ - وفي "الكبرى"