للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذبه فِي رأيه. وَقَالَ الذهبيّ فِي "الميزان": والنسائي مع تعنته فِي الرجال قد احتج به، والجمهور عَلَى توهينه، مع روايتهم لحديثه فِي الأبواب، وهذا الشعبي يكذبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه يُكَذِّب حكاياته، لا فِي الْحَدِيث. وَقَالَ الحافظ: لم يحتج به النسائيّ، وإنما أخرج له فِي "السنن" حديثا واحدا مقرونا بابن ميسرة، وآخر فِي اليوم والليلة متابعة، هَذَا جميع ما له عنده.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قول الحافظ هَذَا الظاهر أراد فِي "السنن الكبرى"، والحديث الذي أشار إليه غير هَذَا الْحَدِيث المذكور فِي هَذَا الباب فِي "المجتبى"، و"الكبرى"؛ لأنه لم يقرن الحارث هنا بابن ميسرة، فالله تعالى أعلم.

وذكر الحافظ المنذري أن ابن حبّان احتج به فِي "صحيحه"، قَالَ الحافظ: ولم أر ذلك لابن حبّان، وإنما أخرج منْ طريق عمرو بن مرة، عن الحارث بن عبد الله الكوفيّ، عن ابن مسعود حديثا، والحارث بن عبد الله الكوفيّ هَذَا، هو عند ابن حبّان رجل ثقة، غير الحارث الأعور، كذا ذكر فِي "الثقات"، وإن كَانَ قوله هَذَا ليس بصواب (١). انتهى كلام الحافظ. رَوَى له الأربعة، وله فِي هَذَا الكتاب هَذَا الْحَدِيث فقط، كرره ثلاث مرّات برقم ٥١٠٤ و٥١٠٥ و٥١٠٦. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: آكِلُ الرِّبَا) أي آخذ الربا، سواء أكله، أم لم يأكله، وإنما عبّر بالأكل؛ لأن الأكل معظم مقاصده، وهو مبتدأ خبره قول: "ملعنون الخ" (وَمُوكِلُهُ) أي معطيه (وَكَاتِبُهُ) أي الذي يكتب العقد بينهما، زاد فِي الرواية الآتية: "وشاهده"، وفي رواية لأحمد: "وشاهداه" (إِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ) أي إذا علم كلّ منْ الآكل، والموكل، والكاتب كونه ربًا، وكونه حرامًا، وَقَدْ تقدّم البحث فِي الربا مستوفًى فِي بابه، ولله الحمد والمنّة (وَالْواشِمَةُ) أي فاعدة الوشم، وتقدّم معناه قريباً (وَالْمَوْشُومَةُ) أي التي يُفعل بها ذلك (لِلْحُسْنِ) متعلّق بكلّ منْ الواشمة، والموشومة، وتقدّم تمام البحث فيه قريباً (وَلَاوِي الصَّدَقَةِ) اسم فاعل منْ لواه: إذا صرفه، والمراد مانع الصدقة، وَقَدْ تقدّم ما يتعلّق بمانعها فِي "كتاب الزكاة" (وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ)


(١) كتب بعض المحققين فِي هامش "تهذيب التهذيب" ١/ ٣٣٢ - : ما نصّه: حديثه عن ابن مسعود فِي "صحيح ابن حبّان" (٣٢٥٢) عن الحارث بن عبد الله، غير منسوب، ونسبَهُ فِي "ثقاته" ٤/ ١٣٠: الكوفيّ، ولكن جاء مصرّحًا به أنه الأعور عند أحمد فِي "المسند" (٣٨٨١). انتهى.