(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٩/ ٥١١٦ - وفي "الكبرى" ٣٦/ ٩٤٠٥. وأخرجه (م) فِي "الفضائل" ٢٢٤٤ (أحمد) فِي "مسند البصريين" ٢٠٢٨٢ و٢٠٣٠٠.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان استحباب استعمال الدهن. (ومنها): استحباب إزالة الشعث منْ الرأس، واللحية بالدهن، ونحوه. (ومنها): أن فيه إثبات شيبه -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ جاء فِي رواية لمسلم لهذا الْحَدِيث منْ طريق إسرائيل، عن سماك، أنه سمع جابر بن سمرة، يقول: كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قد شَمِطَ مُقَدَّم رأسه ولحيته، وكان إذا ادّهن لم يتبين، وإذا شَعِثَ رأسه تَبَيَّن، وكان كثير شعر اللحية، فَقَالَ رجل: وجهه مثل السيف؟ قَالَ: لا، بل كَانَ مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا، ورأيت الخاتم عند كتفه، مثل بيضة الحمامة، يشبه جسده.
وَقَدْ جاء فِي مسلم أيضًا عن أنس -رضي الله عنه- أنه نفى شيبه -صلى الله عليه وسلم-، فقد سئل عن شيب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟، فَقَالَ: ما شانه الله ببيضاء.
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه" ١٥/ ٩٥: وأما اختلاف الرواية فِي قدر شيبه -صلى الله عليه وسلم-، فالجمع بينها أنه رأى شيئًا يسيرًا، فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه، كما قَالَ فِي الرواية الأخرى:"لم يشتدّ الشيب": أي لم يكثر، ولم يخرج شعره عن سواده، وحسنه، كما قَالَ فِي الرواية الأخرى:"لم ير منْ الشيب إلا قليلاً". انتهى.
وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى فِي "المفهم" ٦/ ١٣٣ - : قول أنس -رضي الله عنه-: ما شانه الله ببيضاء": أي لم يكن شيبه كثيرًا بيّنًا، حَتَّى تزول عنه بهجة الشباب، ورونقه، ويُلحق بالشيوخ الذين يكون الشيب لهم عيبا، فإنه يدلّ عَلَى ضعفهم، ومفارقة قوة الشباب، ونشاطه. ويحتمل أن يريد أن ما ظهر عليه منْ الشيب اليسير زاده ذلك فِي عين الناظر إليه أُبَّهَةً، وتوقيرًا، وتعظيمًا. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".