الله عنها:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ويل للذين يمسون فروجهم، ثم يصلون،
ولا يتوضئون"، وهو دعاء بالشر، ولا يكون إلَّا على ترك واجب، وبما رواه أحمد، والطحاوي في شرح معاني الآثار، من طريق محمَّد بن إسحاق عن عروة، أيضا عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من مس فرجه فليتوضأ"، قال الطحاوي هذا الحديث منكر وأخْلق به أن يكون غَلَطا لأن عروة حين سأله مروان عن مس الفرج فأجابه من رَأيه أن لا وضوء فيه، فلما قال له مروان عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال، قال له عروة ما سمعت به، وهذا بعد موت زيد بن خالد بكم ما شاء الله، فكيف يجوزأن ينكر عروة على بسرة ما قد حدثه إياه زيد بن خالد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ اهـ وحاصله أن حديث زيد غلط لأن عروة أنكر سماع نقض الوضوء من مس الذكر بعد أن أخبره مروان بسماعه من بسرة وإثباته ذلك، وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بزمن طويل، فلو كان حديث زيد ثابتًا ما أنكر عروة مدلوله على مروان.
وما قاله الطحاوي من تقدم موت زيد بن خالد الجهني توهم منه، ولا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الإخبار بالتوهم، فإن المعوّل عليه أن زيد بن خالد مات سنة -٧٨ (١) - من الهجرة، ومروان بن الحكم مات سنة -٦٥ - كما تقدم، فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان، ثم سمعه من بسرة، ثم سمعه من زيد بن خالد، فعلم أن حديث زيد بن خالد الذي أخرجه أحمد، والطحاوي ثابت يحتج به على نقض الوضوء من مس الذكر، فإن رجاله كلهم ثقات محتج بهم، فلا مَعْنَى لرده، وأن عروة روى الحديث عن كل من مروان، وزيد بن
(١) وهو ابن ٨٥ سنة وقيل توفي بالمدينة سنة ٦٨ وهو ابن ٨٥، وقيل مات بمصر سنة ٥٠، وهو ابن ٧٨، وقيل بالكوفة في آخر أيام معاوية، وقيل سنة ٧٢ وهو ابن ٨٠ ذكر هذه الأقوال الحافظ ابن عبد البر في الإستيعاب ج ٤ ص ٥٨ من هامش الإصابة.