(تنبيه) نقل بعض المخالفين عن يحيى بن معين أنه قال: ثلاثة أحاديث لا تصح: حديث "مس الذكر"، و"لا نكاح إلا بولي"، "وكل مسكر حرام". ولا يعرف هذا عن ابن معين، وقد قال ابن الجوزي: إن هذا لا يثبت عن ابن معين، وقد كان مذهبه انتقاض الوضوء بمسه. وقد روى الميموني عن يحيى بن معين أنه قال إنما يطعن في حديث بسرة من لا يذهب إليه. وفي سؤالات مضر بن محمَّد له، قلت ليحيى: أيّ شيء صح في مس الذكر؟ قال: حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، فإنه يقول فيه: سمعت، ولولا هذا لقلت: لا يصح فيه شيء، فهذا يدل بتقدير ثبوت الحكاية المتقدمة عنه على أنه رجع عن ذلك، وأثبت صحته بهذه الطريق خاصة.
(تنبيه آخر) طعن الطحاوي في رواية هشام بن عروة، عن أبيه لهذا الحديث بأن هشاما لم يسمع من أبيه، إنما أخذه عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، وكذا قال النسائي: إن هشاما لم يسمع هذا من أبيه. وقال الطبراني في الكبير: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا همام، عن هشام، عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو، عن عروة. وهذه الرواية لا تدل على أن هشاما لم يسمعه من أبيه، بل فيها أنه أدخل بينه وبينه واسطة، والدليل على أنه سمعه من أبيه أيضا: ما رواه الطبراني أيضا: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، قال: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مس الذكر، قال يحيى: فسألت هشاما؟ فقال: أخبرني أبي. رواه الحاكم من طريق عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، حدثني أبي. ورواه الجمهور من أصحاب هشام عنه عن أبيه بلا واسطة، فهذا إما أن يكون هشام سمعه من أبي بكر عن أبيه، ثم سمعه من أبيه، فكان يحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا، أو يكون سمعه من أبيه وثَبَّته فيه أبو بكر،