وذكر أبو عبيد فِي "غريب الْحَدِيث" أن أهل الْحَدِيث يقولونه بكسر القاف، وأهل مصر يفتحونها، وهي نسبة إلى بلد، يقال لها: القس رأيتها، ولم يعرفها الأصمعي، وكذا قَالَ الأكثر، هي نسبة للقس قرية بمصر، منهم الطبري، وابن سِيدَهْ، وَقَالَ الحازمي: هي منْ بلاد الساحل، وَقَالَ المهلب: هي عَلَى ساحل مصر، وهي حصن بالقرب منْ الفَرَما، منْ جهة الشام، وكذا وقع فِي حديث ابن وهب أنها تلي الفرما، و"الفَرَما" بالفاء، وراء مفتوحة، وَقَالَ النوويّ: هي بقرب تِنِّيس، وهو متقارب. وحكى أبو عبيد الهروي، عن شَمِر اللغوي: إنها بالزاي، لا بالسين، نسبة إلى الْقَزّ، وهو الحرير، فأبدلت الزاي سينا. وحكى ابن الأثير فِي "النهاية": أن القس الذي نسب إليه هو الصقيع، سُمي بذلك لبياضه، وهو والذي قَبلَه كلام منْ لم يعرف القس القرية.
(وَعَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ)"المياثر": هي جمع مِيثرة بكسر الميم، وسكون التحتانيّة، وفتح المثلّثة، بعدها راء، ثمّ هاءٌ، ولا همز فيها، وأصلها منْ الوثارة، أو الوِثرة -بكسر الواو، وسكون المثلّثة- والوَثِير: هو الفراش الوطيء، وامرأة وَثيرة كثيرة اللحم. وَقَالَ أبو عبيد:"المياثر الْحُمْر" التي جاء النهي عنها، كانت منْ مراكب العجم، منْ ديباج، وحرير. وَقَالَ الطبري: هي وِعاء يوضع عَلَى سُرُج الفرس، أو رَحْل البعير، منْ الأرجوان. وحكى فِي "المشارق" قولا: إنها سروج منْ ديباج، وقولا: إنها أغشية للسروج منْ حرير، وقولاً: إنها تشبه الْمِخَدَّة، تُحْشَى بقطن، أو رِيش، يجعلها الراكب تحته، وهذا يوافق تفسير الطبري، والأقوال الثلاثة يحتمل أن لا تكون متخالفة، بل الْمِيثرة تطلق عَلَى كل منها، وتفسير أبي عبيد يحتمل الثاني، والثالث.
وتقدّم منْ "صحيح البخاريّ": قوله: والميثرة كانت النِّساء تصنعه لبعولتهن، مثل القطائف، يصفونها: قَالَ فِي "الفتح": أي يجعلونها كالصفة، وحكى عياض فِي رواية "يصفرنها" بكسر الفاء، ثم راء، قَالَ الحافظ: وأظنه تصحيفا، وإنما قَالَ:"يصفونها" بلفظ المذكر للإشارة إلى أن النِّساء يصنعن ذلك، والرجال هم الذين يستعملونها فِي ذلك. وَقَالَ الزبيدي اللغوي: والميثرة مِرْفَقة كصفة السرج. وَقَالَ الطبري: هو وطاء يوضع عَلَى سرج الفرس، أو رحل البعير، كانت النِّساء تصنعه لأزواجهن منْ الأرجوان الأحمر، ومن الديباج، وكانت مراكب العجم، وقيل: هي أغشية للسروج منْ الحرير، وقيل: هي سروج منْ الديباج، فحصلنا عَلَى أربعة أقوال فِي تفسير المثيرة: هل هي وطاء للدابة، أو لراكبها، أو هي السرج نفسه، أو غشاوة؟. وَقَالَ أبو عبيد: المياثر الحمر كانت منْ مراكب العجم، منْ حرير، أو ديباج. انتهى "فتح" ١١/ ٤٧٤.
قَالَ الحافظ: وعلى كل تقدير فالميثرة، إن كانت منْ حرير، فالنهي فيها كالنهي عن