أبي شيبة عن جمع منهم، وعن طائفة منْ التابعين، بأسانيد جياد، وأعلى ما ورد فِي ذلك، ما أخرجه أبو داود، والنسائي، منْ طريق عبد الله بن سعد الدَّشْتَكي عن أبيه، قَالَ: رأيت رجلا عَلَى بغلة، وعليه عمامة خز سوداء، وهو يقول: كسانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة منْ طريق عمار بن أبي عمار، قَالَ: أتت مروانَ بن الحكم مطارف خز، فكساها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والأصح فِي تفسير الخز أنه ثياب سَدَاها منْ حرير، ولحمتها منْ غيره. وقيل: تنسج مخلوطة منْ حرير، وصوف، أو نحوه. وقيل: أصله اسم دابة، يقال لها: الخز، سُمي الثوب المتخذ منْ وبرها خزا؛ لنعومته، ثم أطلق عَلَى ما يخلط بالحرير؛ لنعومة الحرير، وعلى هَذَا فلا يصح الاستدلال بلبسه، عَلَى جواز لبس ما يخالطه الحرير، ما لم يتحقق أن الخز الذي لبسه السلف، كَانَ منْ المخلوط بالحرير. والله أعلم.
وأجاز الحنفية، والحنابلة لبس الخز، ما لم يكن فيه شهرة، وعن مالك الكراهة، وهذا كله فِي الخز.
وأما "الْقَزّ" بالقاف، بدل الخاء المعجمة، فَقَالَ الرافعي: عد الأئمة القز منْ الحرير، وحرموه عَلَى الرجال، ولو كَانَ كَمِد اللون، ونقل الإمام الاتفاق عليه، لكن حكى المتولي فِي "التتمة" وجها أنه لا يحرم؛ لأنه ليس منْ ثياب الزينة. قَالَ ابن دقيق العيد: إن كَانَ مراده بالقز ما نطلقه نحن الآن عليه، فليس يخرج عن اسم الحرير فيحرم، ولا اعتبار بكمودة اللون، ولا بكونه ليس منْ ثياب الزينة، فإن كلا منهما تعليل ضعيف، لا أثر له بعد انطلاق الاسم عليه. انتهى كلامه.
ولم يتعرض لمقابل التقسيم، وهو وإن كَانَ المراد به شيئا آخر، فيتجه كلامه، والذي يظهر أن مراده به رديء الحرير، وهو نحو ما تقدّم فِي الخز، ولأجل ذلك وصفه بكمودة اللون. والله أعلم. انتهى "فتح" ١١/ ٤٧٥ - ٤٧٦.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما تقدّم عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما منْ تقييد التحريم بما إذا كَانَ حريرًا خالصًا، هو الأرجح لوضوح حجته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"محمد بن آدم": هو الْجُهَنيّ المِصّيصيّ، صدوقٌ [١٠] منْ أفراد المصنّف، وأبي داود. و"عبد الرحيم": هو ابن سُليمان الكنانيّ، أبو