رقيق أو كثيف للذة أو لغير لذة باليد أو بغير اليد، عمدا أو غير عمد لم ينقض الوضوء، وكذلك إن مسه بغلبة أو نسيان فلا ينقض الوضوء. اهـ المحلى ج ١ ص ٢٣٥.
قال الجامع: وهو كلام نفيس، غير قوله عمدا، فإن النسيان كذلك، لإطلاق النص، فإن قيل: حديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه الطبراني من حديث ثوبان رضي الله عنه بلفظ "وضع"، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ج ١ ص ٦٥٩.، يدل على ما قاله أبو محمَّد، أجيب بأن الرفع المذكور للإثم لا للحكم كما أشار إليه الشوكاني رحمه الله، بدليل أن سائر النواقض مثل البول، والغائط، لا يقال فيها ذلك.
فإن قيل: ورد في بعض الرواية: "من مَسّ الذكر الوضوء" وظاهره يدل على نقض الوضوء بمس ذكر غيره، أجيب بأن المراد بالذكر ذكر نفسه فأل عوض عن المضاف إليه، حملا على أكثر الروايات، إذ هي بلفظ "من مس ذكره". فتدبر، وأما استدلال من استدل على أنه لا ينقض إلا إذا كان المس بباطن الكف برواية "من أفضي بيده إلى فرجه فليتوضأ" فغير صحيح لأن الإفضاء لا يختص بباطن الكف، بل هو مطلق الوصول إلى الشيء، يقال: أفضيت إلى الشيء إذا وصلت إليه، كما في المصباح وغيره قال تعالى {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}[النساء: ٢١]، وقد تقدم الإشارة إلى هذا في كلام الحافظ في التلخيص.
(تنبيه) لا ينقض الوضوء مس الدبر على الراجح، إذ لا نص عليه، وأما قياسه على الذكر بجامع أن كلا منهما مخرج للنجاسة، فغير صحيح؛ لأن انتقاض الوضوء بمس الذكر ليس لكونه مخرجًا للنجاسة
بدليل أن مس النجاسة نفسها غير ناقض، فلا يتم معنى القياس. والله أعلم.