أقبية. انتهى. (مِنْ دِيبَاجٍ) بالكسر: أي حرير (أُهْدِيَ لَهُ) بالبناء للمفعول، والجملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال، أو صفة بعد صفة لـ"قباءً".
قَالَ القرطبيّ: كَانَ هَذَا اللبس منه -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يُحرّم الحرير، ثم لَمّا لبسه أُعلم بالتحريم، فخلعه مُسرعًا، وَقَدْ دلّ عَلَى هَذَا قوله:"فنهاني عنه جبريل". انتهى "المفهم" ٥/ ٣٩٧.
(ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ نَزَعَهُ)"أن" مصدريّة: أي قارب نزعه لبسه، يعني أنه لم يلبث بعد لبسه، بل نزعه فورا (فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ) بن الخطّاب -رضي الله عنه- (فَقِيلَ لَهُ) أي قَالَ له الصحابة الحاضرون لديه (قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ)"ما" مصدريّة: أي قارب نزعك إياه اللبس. وَقَالَ القرطبيّ: وقع فِي بعض روايات مسلم: "أوشك ما نزعته"، وعند بعضهم:"قد أوشك"، وهو كلام غير مستقيم، وصوابه -والله أعلم-: "ما أوشك ما نزعته" عَلَى جهة التعجّب، فسقطت "ما" عند بعضهم، وتصحّفت بـ"قد" عند آخرين. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما تبين لي دعوى القرطبيّ كون الكلام غير مستقيم؛ فإن الكلام واضح المعنى، سواء مع "قد"، أو مع سقوطها، فلا حاجة لدعوى السقوط، أو التصحيف، فتأمّل. والله تعالى أعلم.
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَذَا محلّ الترجمة، فإنه صريح فِي أن لبس الحرير كَانَ جائزًا، ثم نُسخ، حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- لبس ما أُهدي إليه منْ قباء الديباج؛ لكون مما يجوز لبسه، ثم أوحي إليه بالنهي عنه، وهذا هو معنى النسخ، إذ هو رفع حكم شرعيّ بخطاب شرعيّ متأخّر عنه (فَجَاءَ عُمَرُ) -رضي الله عنه- (يَبْكِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرِهْتَ أَمْرًا، وَأَعْطَيْتَنِيهِ، قَالَ:"إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ، إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَهُ لِتَبِيعَهُ"، فَبَاعَهُ عُمَرُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ) الظاهر أن هذه الواقعة غير الواقعة التي كانت فِي حلة عطارد بن الحاجب؛ لأن فيها أن عمر -رضي الله عنه- لم يبع الحلة، بل أهداها إلى أخ له مشرك بمكة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث جابر رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٨٩/ ٥٣٠٥ - وفي "الكبرى" ٨٥/ ٩٦١٨. أخرجه (م) فِي "اللباس" ٢٠٧٠ والله تعالى أعلم.