العبسيّ الصحابيّ الشهير ابن الصحابيّ رضي الله تعالى عنهما، حليف الأنصار، مات فِي أول خلافة عليّ -رضي الله عنه- سنة (٣٦ هـ) وتقدّم فِي ٢/ ٢. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه ابن قُدامة، فقد تفرّد به هو وأبو داود. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفين منْ الأعمش. (ومنها): أن فيه ثلاثة منْ التابعين يروي بعضهم عن بعض: الأعمش، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نُذير. (ومنها): أنَّ صحابيّه -رضي الله عنه- كَانَ صاحب سرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد ثبت فِي "صحيح مسلم": أنه -صلى الله عليه وسلم- أعلمه بما كَانَ، وما يكون إلى أن تقوم الساعة. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمان رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَوْضِعُ الإِزَارِ) أي الموضع المحبوب للإزار، والمراد به إزار الرجل، إِذِ المرأة ليست مثله فِي ذلك، كما سيأتي بعد بابين (إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ) قَالَ السنديّ: الظاهر "أنصاف الساقين" بدون "إلى"؛ لتكون محمولاً عَلَى الموضع، فلعلّ التقدير: موضع الإزار موضع أن يكون الإزار إلى أنصاف الساقين، ثم حُذف ما حُذف لدلالة المذكور عليه. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا التقدير الذي ذكره السنديّ غير واضح المعنى، بل المعنى الذي يظهر: موضع الإزار المحبوب شرعًا منْ وسط الرجل إلى نصف ساقه، وإنما لم يذكر ابتداءه؛ لكونه معلومًا لا يقع فيه محذورٌ، وإنما يقع المذكور منْ جهة نهايته، فبيّنه. والله تعالى أعلم.
(وَالْعَضَلَةِ) بفتحات: هي كلُّ لحم صلبة مكتنزة فِي البدن، ومنه عضلة الساق، وهو المراد هنا (فَإِنْ أَبَيْتَ) الاتّزار إلى الموضع المذكور، بل أردت الزيادة عليه (فَأَسْفَلَ) أي فزد إلى أسفل نصف الساق (فَإِنْ أَبَيْتَ) إلا الزيادة (فَمِنْ وَرَاءِ السَّاقِ) أي إلى نهاية الساق (وَلَا حَقَّ لِلْكَعْبَيْنِ فِي الإِزَارِ) أي لا حقّ للكعبين أن تسترهما بإزارك، فإن ذلك هو الإسبال الممنوع، وفيه أن الكعبين هما الحدان لجواز تطويل الإزار، فإذا جاوز ذلك فقد دخل فِي الإسبال المنهيّ عنه، وَقَدْ تقدّم أنه محرّم عَلَى الراجح، وإن لم يكن معه خيلاء، فإن كَانَ مع الخيلاء، فهو أشدّ تحريماً، وفيه الوعيد الشديد المذكور فِي أحاديث الباب السابق.
وقوله:(وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ) يعني أن لفظ هَذَا الْحَدِيث لشيخه محمد بن قُدامة، وأما شيخه إسحاق، فرواه بالمعنى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب،