للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية مؤمّل بن إسماعيل، عن نافع بن عمر بلفظ: "إن الأقرع بن حابس قَدِمَ عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ أبو بكر: يا رسول الله استعمله عَلَى قومه، فَقَالَ: عمر: لا تستعمله يا رسول الله … " الْحَدِيث، وهذا يخالف رواية ابن جريج هذه، وروايته أثبت منْ مؤمّل بن إسماعيل؛ لأنه وإن كَانَ ثقة، إلا أنه سيّء الحفظ، فقد وصفه غير واحد بذلك، بل قَالَ البخاريّ: منكر الْحَدِيث، فلا تعارض روايته رواية ابن جريج. والله تعالى أعلم.

(وَقَالَ عُمَرُ) بن الخطّاب (رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: بَلْ أَمِّرِ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ) زاد فِي رواية للبخاريّ: "أخي بني مجاشع"، والأقرع لقبه، واسمه فيما نقل ابن دُريد: فِراس بن حابس بن عِقَال -بكسر المهملة، وتخفيف القاف- ابن محمّد بن سُفيان بن مجاشع بن عبد الله بن دارم التميميّ الدارميّ، وكانت وفاة الأقراع بن حابس فِي خلافة عثمان -رضي الله عنه-. (فَتَمَارَيَا) أي تجادل أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فِي تعيين منْ هو الأولى بذلك (حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا) وفي رواية البخاريّ منْ طريق نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة: "قَالَ: كاد الْخَيّران أن يهلكا، أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، رفعا أصواتهما عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حين قَدِم عليه ركبُ بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس، أخي بني مُجاشع، وأشار الآخر برجل آخر (١)، قَالَ نافع: لا أحفظ اسمه، فَقَالَ أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قَالَ: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما فِي ذلك" (فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ) وفي رواية نافع المذكورة: "فأنزل الله" ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، حَتَّى انْقَضَتِ الآْيَةُ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: ١ - ٥]) قَالَ فِي "الفتح": وَقَدْ استُشكل ذلك، قَالَ ابن عطيّة رحمه الله: الصحيح أن سبب نزول هَذَا الكلام جُفاة الأعراب. قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: لا يُعارض ذلك هَذَا الْحَدِيث، فإن الذي يتعلّق بقصّة الشيخين فِي تخالفهما فِي التأمير هو أول السورة: {لَا تُقَدِّمُوا}، ولكن لَمّا اتّصل بها قوله: {لَا تَرْفَعُوا} تمسّك عمر منها بخفض صوته، وجُفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم منْ بني تميم، والذي يختصّ بهم قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: ٤]، قَالَ عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: "أن رجلاً جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ وراء الحجرات، فَقَالَ: يا محمّد إن مدحي زين، وإن شتمي شين، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك الله عز وجل"، ونزلت، ولا مانع أن تنزل الآية لأسباب، تتقدّمها، فلا يُعدل للترجيح مع ظهور الجمع، وصحّة الطرق. قاله فِي "الفتح" ٩/ ٥٦٧.


(١) هو القعقاع بن معد المذكور فِي رواية المصنّف هنا، منْ طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة.