للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-صلى الله عليه وسلم-، فسألت محمدًا -يعني البخاريّ- عن هذه الروايات؟ فَقَالَ: أصحّ شيء فِي هَذَا ما رُوي عن ابن عبّاس، عن الفضل بن عبّاس، قَالَ محمّد: ويحتمل أن يكون ابن عبّاس سمعه منْ الفضل وغيره، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر الذي سمعه منه. انتهى.

والحاصل أن الْحَدِيث صحيح كونه منْ مسند ابن عبّاس، ومن مسند الفضل رضي الله تعالى عنهم. والله تعالى أعلم بالصواب.

٥٣٩١ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ النَّحْرِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ إِلاَّ مُعْتَرِضًا، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ، قَالَ: "نَعَمْ حُجِّي عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَضَيْتِيهِ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، "محمّد بن هاشم" الْبَعْلَبكّيّ القرشيّ، فإنه منْ أفراده، وهو صدوقٌ، منْ صغار [١٠] ٣/ ٤٥٤. و"الوليد": هو ابن مسلم، أبو العبّاس الدمشقيّ.

وقوله: "منْ خثعم" بفتح الخاء المعجمة، وسكون المثلّثة، بعدها عينٌ مفتوحة، غير منصرف للعلميّة، ووزن الفعل، أو التأنيث، باعتبار أنه اسم قبيلة منْ بَجِيلة.

وقولها: "إلا معترضًا" تعني أنه لا يستطيع الجلوس عَلَى الرحل، بل يُحمل عليه، ويربط كما يُفعل بسائر الأمتعة.

وقوله: "فإنه لو كَانَ عليه دينٌ قضيته": هَذَا محلّ الشاهد، حيث شبّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم وجوب الحجّ بوجوب الدين، وأداءه عن الكبير الذي لا يستطيع الركوب بقضاء الدين، فكما أن الولد إذا أدّى عن والده المدين العاجز عن وفائه دينه، يُقبل ذلك منه، وتبرأ ذمّته بذلك، كذلك إذا وجب عليه الحجّ، وهو غير مستطيع سقط عنه الفرض.

والظاهر أن المصنّف رحمه الله تعالى أراد بهذا أن القاضي إذا لم يجد نصّا فِي القضيّة بحث عن النظائر حَتَّى يُلحق النظير بالنظير، وهذا هو معنى القياس، فهو رحمه الله تعالى، ممن يرى القياس فيما لم يرد به نصّ، وعليه جماهير أهل العلم، ولم يخالف فِي ذلك إلا الظاهريّة.

ويحتمل أن يكون مراده بالتشبيه، والتمثيل إيضاح المسائل بضرب المثل، يعني أن عَلَى القاضي أن يوضّح المسألة للسائل بضرب المثل حَتَّى تكون واضحة لديه، كما فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع الخثعميّة، حيث أكّد لها قوله: "نعم حجّي عنه"، بضرب المثل بأداء دينه الواضح لديها. والله تعالى أعلم.