ولفظ "الكبرى": "ولا يعلم". وفي رواية البخاريّ:"وليس يُعطيني ما يكفيني، وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم"، زاد الشافعيّ فِي روايته:"سرًّا، فهل عليّ فِي ذلك منْ شيء؟ "، ووقع فِي رواية الزهريّ:"فهل عليّ حَرَجٌ أن أطعم منْ الذي له عيالنا"(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- لها (خُذِي مَا يَكْفِيكِ، وَوَلَدِكِ بِالْمَعْرُوفِ) وفي رواية للبخاريّ منْ طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ فِي "المظالم": "لا حَرَج عليكِ أن تطعميهم بالمعروف".
قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "خذي": أمر إباحة، بدليل قوله:"لا حرج"، والمراد بالمعروف: القدر الذي عُرِف بالعادة أنه الكفاية، قَالَ: وهذه الإباحة، وإن كانت مطلقة لفظًا، لكنها مقيدة معنًى، كانه قَالَ: إن صحّ ما ذكرت. وَقَالَ غيره: يحتمل أن يكون -صلى الله عليه وسلم-، علم صدقها فيما ذكرتْ، فاستغنى عن التقييد.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال الأخير هو الظاهر عندي؛ إذ هو مقتضى سياق الْحَدِيث، كما أشار إليه المصنّف رحمه الله تعالى فِي ترجمته، حيث قَالَ:"إذا عرفه". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عائشة رضي الله تعالى عنها هَذَا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز حكم الحاكم عَلَى الغائب إذا تيقّن ثبوت الحقّ عليه، وسيأتي بيان المذاهب فِي القضاء عَلَى الغائب فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): جواز ذكر الإنسان بما لا يُعجبه، إذا كَانَ عَلَى وجه الاستفتاء والاشتكاء، ونحو ذلك، وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة، وهي ستة مواضع ذكره النوويّ