٣ - (ابن عجلان) هو محمد المدنيّ، صدوقٌ اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة [٥] ٣٦/ ٤٠.
٤ - (المقبريّ) سعيد بن أبي سعيد كيسان المدنيّ، ثقة تغير قبل موته بأربع سنين [٣] ٩٥/ ١١٧.
٥ - (أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه ١/ ١. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ) أي منْ الألم الذي ينال الحيوان الحاصل منْ خلو المعدة عن الغذاء، ويؤدي تارة إلى المرض، وتارة إلى الموت، وإنما استعاذ منه -صلى الله عليه وسلم- لظهور أثره فِي قوى الإنسان الظاهرة والباطنة، ومنعه منْ الطاعات (فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ) أي المضاجع، والضجيع: ما يلازم صاحبه فِي المضجع، وأطلق عَلَى الجوع ضجيعًا للزومه للإنسان ليلًا ونهارًا فِي النوم واليقظة، وفي ذمه إشارة إلى أن المراد بالجوع الذي يضرّ الإنسان، ويضعفه عن العبادة. قاله فِي "المنهل".
وَقَالَ فِي "المرقاة" ٥/ ٣٢٥: وأشار بقوله: "فإنه بئس الضجيع" أي المضاجع، وهو ما يلازم صاحبه فِي المضجع إلى أنه جوع يمنع الْهُجُوع، ووظائف العبادات، كالسجود والركوع. وَقَالَ الطيبيّ رحمه الله تعالى: الجوع يُضعف القوى، ويشوّش الدماغ، فيثير أفكارًا ريئة، وخيالات فاسدة، فيُخلّ بوظائف العبادات والمراقبات، ولذلك خصّ بالضجيع الذي يلازمه ليلًا، ومن ثمّ حرُم الوصال. انتهى. وَقَدْ يُستدلّ بهذا الْحَدِيث لما قيل: منْ أن الجوع المجرد لا ثواب فيه. انتهى.
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ) بالكسر: ضدّ الأمانة. وَقَالَ الطيبيّ: هي مخالفة الحقّ بنقض العهد فِي السرّ، والأظهر أنها شاملة لجميع التكاليف الشرعية، كما يدلّ عليه قوله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الآية، وقولُهُ تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} شامل لجميعها. (فَإنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ) بالكسر: أي الخلصة الباطنة، قَالَ الطيبيّ: هي ضد الطهارة، وأصلها فِي الثوب، فاستعير لما يستبطنه الإنسان. وقيل: أي بئس الشيء الذي يستبطنه منْ اْمره، ويجعله بطانة حاله. وفي "المغرب": بطانة الشيء أهله، وخاصته مستعارة منْ بطانة الثوب. قَالَ ابن الملك: جعل الجوع ضجيعًا، والخيانة بطانة لملابسة بينهما، كالإنسان يلابسه ضجيعه بطانَتَه. قاله فِي