للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (شدّاد بن أوس) بن ثابت بن المنذر بن حَرَام -بمهملمتين- الأنصاريّ، ابن أخي حسان بن ثابت الشاعر -رضي الله عنه-، صحابي جليل، نزل الشام، وكنيته أبو يعلى، واختلف فِي صحبة أبيه، وليس لشداد -رضي الله عنه- فِي البخاريّ إلا هَذَا الْحَدِيث الواحد، وله عند المصنّف ثلاثة أحاديث: هَذَا، وحديث: "اللَّهم إني أسألك الثبات فِي الأمر … " تقدّم فِي "الصلاة" ٦١/ ١٣٠٤ وحديث: "إن الله كتب الإحسان عَلَى كل شيء … " ٤٤٧ كرره خمس مرَّات، وَقَدْ تقدمت ترجمته فِي ١٧٢/ ١١٤١. والله تعالى أعلم.

لطائف هَذَا الإسناد:

(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بثقات البصريين، وعبد الله بن بريدة، وإن كَانَ مروزيّا، إلا أنه كَانَ منْ أهل البصرة، فانتقل مع أبيه إلى مرو. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ شدَّادِ بْنِ أَوْسٍ) رضي الله تعالى عنه (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إِن سَيِّدَ الِاسْتِغْفَارِ) قَالَ الطيبي رحمه الله تعالى: لما كَانَ هَذَا الدعاء جامعا لمعاني التوبة كلها، استعير له اسم السيد، وهو فِي الأصل الرئيس الذي يُقصَد فِي الحوائج، ويُرجَع إليه فِي الأمور. وفي رواية: "أفضل الاستغفار": أي الأكثر ثوابًا للمستغفر به منْ المستغفر بغيره.

قَالَ الكرمانيّ رحمه الله تعالى: [فإن قلت]: فما الحكمة فِي كونه أفضل الاستغفارات؟ [قلت] هَذَا وأمثاله منْ التعبديات، والله أعلم بذلك، لكن لا شك أن فيه ذكر الله بأكمل الأوصاف، وذكر نفسه بأنقص الحالات، وهو أقصى غاية التضرع، ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو، أما الأول فلما فيه منْ الاعتراف بوجود الصانع، وتوحيده الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال، والاعتراف بالصفات السبعة (١) التي هي الصفات الوجودية المسماة بصفات الاكرام، وهي القدرة اللازمة منْ الخلق، الملزومة للارادة، والعلم، والحياة، والخامسة الكلام اللازم منْ الوعد، والسمع والبصر اللازمان منْ المغفرة، إذ المغفرة للمسموع، وللمبصر لا يتصوو إلا بعد السماع والإبصار، وأما الثاني، فلما فيه أيضًا منْ الاعتراف بالعبودية، وبالذنوب فِي مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها، وهو الشكر. انتهى. ذكره السيوطيّ


(١) هذه الصفات هي التي يثبتها الأشاعرة لله سبحانه وتعالى ويؤولون ما عداها مما ثبت فِي الكتاب والسنة وصفه تعالى به، وَقَدْ أشبعت الرد عَلَى هَذَا فِي مواضع منْ هَذَا الشرح، فراجعه تستفد. والله الهادي إلى سواء السبيل.