٥ - (أبوه) بريدة بن الحصيب الأسلميّ، أبو سهل المروزيّ الصحابيّ الشهير رضي الله تعالى عنه ١٠١/ ١٣٣. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمراوزة. (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ) بُريدة بن الْحُصَيب -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، بَيْنَا) هي "بين" الظرفيّة زيدت عليها الألف، وتُضاف إلى الجملة بعدها، قَالَ ابن منظور: أصل "بينا""بين"، فأُشبعت الفتحة، فصارت ألفًا، ويقال: بينا، وبينما، وهما ظرفان بمعنى المفاجأة، ويُضافان إلى جملة، منْ فعل وفاعل، ومبتدإ وخبر، ويحتاجان إلى جواب، يتمّ به المعنى، قَالَ: والأفصح فِي جوابهما أن لا يكون فيه "إذ"، و"إذا"، وَقَدْ جاءا فِي الجواب كثيرًا، تقول: بينا زيد جالسٌ دخل عليه عمرو، وإذ دخل عليه، وإذا دخل عليه، ومنه قول الْحُرَقَة بنت النعمان:
انتهى "لسان العرب" ١٣/ ٦٦. وَقَدْ تقدّم هَذَا غير مرّة، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به.
(هُوَ يَسِيرُ، إِذْ حَلَّ بِقَوْمٍ) أي نزل فيهم (فَسَمِعَ لَهُمْ لَغَطًا) بفتحتين، أو بفتح، فسكون: أي أصواتا مختلفة لا تُفهم، قَالَ الفيّوميّ: لَغَطَ لَغْطًا، منْ باب نَفَعَ، واللغَطُ بفتحتين: اسم منه، وهو كلام فيه جَلَبَة، واختلاطٌ، ولا يتبيّن، وألغط بالألف لغة. انتهى (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (مَا هَذَا الصَّوْتُ؟)"ما": استفهاميّة، أي أيّ شيء هَذَا الصوت، وما سببه؟ (قَالُوا: يَا نَبِي اللهِ، لَهُمْ شَرَابٌ يَشْرَبُونَهُ) أي فشربه، فحصل هَذَا الصوت منه (فَبَعَثَ إِلَى الْقَوْمِ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ:"فِي أَيِّ شَيْءٍ تَنْتَبِذُونَ؟) أي فِي أي إناء تصنعون النبيذ الذي يؤدّيكم إلى التصايح؟ (قَالُوا: نَنْتَبِذُ فِي النَّقِيرِ، وَالدُّبَّاءِ، وَلَيْسَ لَنَا ظُرُوفٌ) أي أسقية الجلود التي يبقى فيها النبيذ دون إَسكار (فَقَالَ: "لَا تَشْرَبُوا إِلاَّ فِيمَا أَوْكَيْتُمْ عَلَيْهِ) أي إلا فِي الأسقية التي تربطون عَلَى اْفواهها، وذلك لأنها لتخلل الهواء منْ مسامّها، لا يسرع الفساد إليها مثل ما يسرع إلى غيرها منْ الجرار ونحوها، وأيضًا فهي تُرْبَط، فإذا رُبطت أُمنت مفسدة الإسكار بما يُشرب منها؛ لأنه إذا تغيّر، وصار مسكرًا شقّ الجلد، بخلاف الأوعية التي نُهي عن الانتباذ فيها، فإنها قد يصير النبيذ فيها مسكرًا،