قَالَ: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن أقف تحت صدر راحلته، وهو واقف بالموقف بعرفة، وكان رجلاً صَيِّتًا، فَقَالَ: يا ربيعة قل: يا أيها النَّاس، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لكم:"تدرون أيُّ بلد هَذَا … " الْحَدِيث، ورواه غيره عن ابن إسحاق، فقالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أمية، وهو الصواب، ورواية يحيى بن هانىء وَهَم، ولم يدرك عَبّاد أميةَ، وهو عَلَى الصواب فِي مغازي ابن إسحاق، وَقَدْ أخرجه ابن خزيمة، والحاكم منْ وجه آخر عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، قَالَ: أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ربيعة، فذكره، فلو لم يرد فِي أمره إلا هَذَا لكان عده فِي الصحابة صوابا، لكن ورد أنه ارتد فِي زمن عمر -رضي الله عنه-، فروى يعقوب بن شيبة فِي "مسنده" منْ طريق حماد، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن أبا بكر الصديق، كَانَ أعبر النَّاس للرؤيا، فأتاه ربيعة بن أمية، فَقَالَ: إني رأيت فِي المنام، كأني فِي أرض مُعشبة مخصبة، وخرجت منها إلى أرض مجدبة كالحة، ورأيتك فِي جامعة منْ حديد عند سرير إلى الحشر، فَقَالَ: إن صدقت رؤياك، فستخرج منْ الإيمان إلى الكفر، وأما أنا فإن ذلك ديني جمع لي فِي أشد الأشياء إلى يوم الحشر، قَالَ: فشرب ربيعة الخمر فِي زمن عمر -رضي الله عنه-، فهرب منه إلى الشام، ثم هرب إلى قيصر، فتنصر ومات عنده. وذكر ابن عبد البر هذه القصة فِي "الاستيعاب" مختصرة، وأن عمر هو الذي عبرها له. وَقَالَ عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف، أنه حرس ليلة مع عمر بالمدينة، فشب لهم سراج فِي بيت، فانطلقوا يؤمونه، فإذا باب مجاف عَلَى قوم، لهم فيه أصوات مرتفعة، ولَغَطٌ، فَقَالَ عمر لعبد الرحمن: أتدري بيت منْ هَذَا؟ قَالَ: لا، قَالَ: هَذَا بيت ربيعة بن أمية، وهم الآن شَرْب، فما ترى؟ قَالَ: أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه. {وَلَا تَجَسَّسُوا}[الحجرات: ١٢] قَالَ: فانصرف عمر. وبهذا الإسناد إلى الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، أن عمر غَرَّب ربيعة بن أمية بن خلف فِي الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل فتنصر، فَقَالَ عمر: لا أغرب بعده أحدا أبدا، أخرجه النسائيّ منْ طريق معتمر بن سليمان، عن عبد الرزاق. وله قصة أخرى مع عمر قبل هَذَا، ذكرها مالك فِي "الموطإ" عن ابن شهاب، عن عروة، أن خولة بنت حكيم دخلت عَلَى عمر، فقالت له: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مُوحّدة، فحملت منه، فخرج عمر يجر رداءه فزعًا، فَقَالَ: هذه المتعة لو كنت تقدمت فيها لرجمته. ذكره فِي "الإصابة" ٣/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(فِي الْخَمْرِ) أي بسبب شربه الخمر (إِلَى خَيْبَرَ) البلد المعروف (فَلَحِقَ) بكسر الحاء المهملة (بِهرَقْلَ) بكسر الهاء، وفتح الراء، وسكون القاف، أو بكسر الهاء، وسكون