للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا أَقُولُ لِقِدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ … وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ

والأولى هي الفُصحَى، وبها جاء الكتاب العزيز فِي قوله عز وجل: {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} الآية [الدخان: ٤٥]، ويتعدّى بالهمز، فيقال: أغليت الزيت ونحوه إغلاء، فهو مُغلّى. انتهى.

وقوله: "حَتَّى يغلي ما لم يتغيّر" هكذا نسخ "المجتبى"، ولفظ "الكبرى": "ما لم يتغيّر"، وليس فيه قوله: "حَتَّى يغلي"، والظاهر أنه لا حاجة إليه؛ لأن أحدهما يغني عن الآخر، فإن الخمر إنما تتغيّر إذا غلت، اللَّهم إلا أن يُجعل قوله: "ما لم يتغيّر" تأكيدًا لمعنى الغليان.

قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٩١ - ١٩٢: وأخرج ابن أبي شيبة، والنسائي، منْ طُرُق عن سعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي: "اشرب العصير ما لم يَغْلِ"، وعن الحسن البصريّ: "ما لم يتغير"، وهذا قول كثير منْ السلف، أنه إذا بدأ فيه التغير يمتنع، وعلامة ذلك أن يأخذ فِي الغليان، وبهذا قَالَ أبو يوسف، وقيل: إذا انتهى غليانه، وابتدأ فِي الهدوء بعد الغليان، وقيل: إذا سكن غليانه. وَقَالَ أبو حنيفة: لا يحرم عصير العنب النىء حَتَّى يَغلِي، ويقذف بالزبد، فإذا غَلَى، وقذف بالزبد حرم، وأما المطبوخ حَتَّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، فلا يمتنع مطلقًا، ولو غَلَى، وقذف بالزبد بعد الطبخ، وَقَالَ مالك، والشافعي، والجمهور: يمتنع إذا صار مسكرا شرب قليله وكثيره، سواء غَلَى أم لم يغلِ؛ لأنه يجوز أن يبلغ حد الإسكار بأن يغلي، ثم يسكن غليانه بعد ذلك، وهو مراد منْ قَالَ: حَدُّ منع شربه أن يتغير. والله أعلم. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور منْ تحريم العصير إذا أسكر مطلقًا، طُبخ، أم لا، غَلَى أم لم يَغْلِ هو الحقّ، وأما القول بإباحته بعد الطبخ وإن غلى، وقذف بالزبد فمخالف للأحاديث الصحيحة التي تقدّمت منْ أن كلّ مسكر حرام، فتتبصر بالإنصاف، ولا تتحيّر بتقليد ذوي الاعتساف. والله تعالى أعلم.

والأثر هَذَا مقطوع صحيح، تفرد به المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٥٤/ ٥٧٣٥ - وفي "الكبرى" ٥٥/ ٥٢٤١ والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٧٣٦ - (أَخْبَرَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا (١) عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِى الْعَصِيرِ، قَالَ اشْرَبْهُ، حَتَّى يَغْلِيَ).


(١) وفي نسخة: "أخبرنا".