للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عن عروة) بن الزبير (عن) خالته (عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها أنها (أخبرته) أي عروة (أن أم سليم) سهلة، وقيل: غير ذلك، بنت ملحان، والدة أنس رضي الله عنهما (كلمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشةُ جالسة) جملة حالية، وفيه التفات إذ الظاهر أن تقول: وأنا جالسة، أي عنده - صلى الله عليه وسلم - في وقت السؤال (فقالت) بيان لقولها: "كلمت" (يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق) قدمت أم سليم رضي الله عنها هذا القول تمهيدا لبسط عذرها في ذكرها ما تستحي النساء من ذكره لأن الذي يعتذر به إذا كان متقدما على المعتذر منه أدركته النفس صافيا من العتب، وإذا تأخر العذر استثقلت النفس المعتذر منه، فتأثرت بقبحه، ثم يأتي العذر رافعا، وعلى الأول يأتي دافعا، ودفع الشيء المستكره قبل وقوعه أيسر من رفعه بعد وقوعه. قاله في المنهل ج ٢ ص ٣٢٨.

ويستحي: من الاستحياء وهو الانقباض والانزواء، قال الأخفش: يتعدى بنفسه، وبالحرف، فيقال: استحييت منه، واستحييته، وفيه لغتان: إحداهما لغة الحجاز، وبها جاء القرآن بياءين، والثانية لتميم بياء واحدة. قاله في المصباح.

وفيه إثبات صفة الحياء لله سبحانه وتعالى على ما يليق به، وأما ما قاله ابن دقيق العيد، وتبعه عليه الحافظ، وغيره من أن المراد بالحياء هنا معناه اللغوي، وهو تغير، وانكسار، وهو مستحيل في حق الله تعالى، فيحمل هنا على أن المراد أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، أو لا يمنع من ذكر الحق، إلى آخر ما قاله، فمما لا يلتفت إليه. بل الحياء كسائر صفات الله التي أثبتها لنفسه، في كتابه أو وصفه بها رسله عليهم الصلاة والسلام، من الحياء، والرضا، والغضب، والمحبة وغير ذلك نثبته على