والحاصل أن الحديث من الوجهين صحيح. وسيأتي تمام البحث فيه في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى.
(قال أبو عبد الرحمن) النسائي رحمه الله (قد رَوَى هذا الحديث غير واحد، لم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عدي (١)، والله تعالى أعلم) يعني أن حديث فاطمة هذا قد رواه رواة كثيرون، لكن ما روى أحد منهم على لفظ ما رواه ابن أبي عدي، بل رووه بلفظ:"فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم، وتوضئي"، وفي رواية "فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي"، كما يأتي في الحديث التالي.
قال الجامع: الظاهر من كلام النسائي تعليل رواية ابن أبي عدي لأمرين:
الأول: اضطرابه في السند، فمرة جعله من مسند فاطمة، ومرة من مسند عائشة.
والثاني: مخالفته في متنه لما رواه الجماعة فإنهم رووه باللفظ المذكور وهو رواه بلفظ: "إن دم الحيض دم أسود يعرف … " الحديث.
قال الجامع: والجواب عن هذا ظاهر، أما الأول فقد تقدم قريبا بأنه صحيح من الوجهين لأن عروة رواه عنهما؛ لأنه لقيهما، وأما الثاني: فلأن ما رواه هو لا يخالف ما روى الجماعة لأن معنى "أقبلت الحيضة" أي بصفتها المعروفة، وهي كونها أسود تعرف، فظهر بهذا أن ما رواه غير مخالف لما رووه، والله أعلم. وهو المستعان، وعليه التكلان.
(١) ما ذكره ابن أبي عدي هو لفظ الحديث المذكور وأما قول الشيخ الشنقيطي في شرحه أن المراد أنه انفرد بقوله "توضئي" فغير صحيح؛ لأنه ما انفرد بها بل ذكرها حماد بن زيد كما يأتي عند النسائي، فكيف يقول هنا انفرد بها؟ هذا مما لا يصح. فتأمل.