عن ناعم بن أجْيَل المصري مولى أم سلمة رضي الله عنها (أن أم سلمة) هند رضي الله عنها (سئلت أتغتسل المرأة مع الرجل) جملة الاستفهام تفسير للسؤال، أي سألها سائل قائلا أتغتسل الخ، والمراد بالرجل هو الزوج أو السيد؛ لأنه الذي يتأتى له ذلك (قالت: نعم) بفتحتين وبفتح فسكون، حرف يجاب بها الاستفهام، كما في قوله تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ}[الأعراف: ٤٤] وتكون عدَةً بعد "افعل" أو لا تفعل، وتقدم البحث عنها مستوفى في ٥٤/ ٦٨، وغيره. أي قالت أم سلمة: لها الاغتسال معه (إذا كانت المرأة كيّسة) أي عاقلة لبيبة، وفي اللسان: أراد به حسن الأدب في استعمال الماء مع الرجل. اهـ
وكيسة مؤنث كيّس مشدد الياء، من الكَيْس وزان فَلْس، وهو الظَّرْف (١) والفطنة، وقال ابن الأعرابي: العقل، ويقال: إنه مخفف من كيس مثل هَيْن وهَيِّن، والأول أصح، لأنه مصدر من كاس يكيس، كَيْسا من باب باع، وأما المثقل فاسم فاعل، والجمع أكياس مثل جيّد، وأجياد، قاله في المصباح. ثم استدلت على ما قالته بفعلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولها (رأيتني) فيه وقوع الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لمسمى واحد، وهذا خاص بأفعال القلوب، كظننتني قائمًا، ومنه قوله تعالى:{أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}[العلق: ٧]، وألحقت بها في ذلك رأى الحلمية، والبصرية بكثرة نحو:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}[يوسف: ٣٦]، وقوله (من الكامل):
وكذا "عدم" و"فَقَد" و"وَجَد" بمعنى "لقي"، دون باقي الأفعال، فلا يقال: ضربتني اتفاقا لئلا يكون الفاعل مفعولا، بل يقال: ضربت نفسي، وظلمت نفسي ليتغاير اللفظان، فإن ورد ما يوهم ذلك قدر فيه
(١) الظرف وزان فلس: البراعة، والفطنة قاله في المصباح.