النفر:"يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت، فبعث بها عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج" هذا لفظه، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك " تصريح بأن عمرتها باقية صحيحة مجزئة، وأنها لم تلغها، وتَخْرُجْ منها، فيتعين تأويل "ارفضي عمرتك، ودعي عمرتك، على ما ذكرناه من رفض العمل فيها وإتمام أفعالها. والله أعلم. اهـ كلام النووي في شرح مسلم ج ٨ ص ١٣٩ ولا يلزم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "انقضي رأسك وامتشطي" إبطال العمرة, لأن نقض شعر الرأس جائز في الإحرام بحيث لا ينتف شعرًا، وبعض العلماء يرى كراهة الامتشاط إلا لعذر، وتأول فعل عائشة هذا على أنها كانت معذورة بأن كان في رأسها أذى فأباح لها الامتشاط كما أباح لكعب بن عجرة الحلق للأذى، وقيل: ليس المراد بالامتشاط هنا حقيقة الامتشاط بالمشط، بل تسريح الشعر بالأصابع للغسل للإحرام بالحجة، لاسيما إن لَبَّدَت رأسها كما هو السنة، وكما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يصح غسلها إلا بإيصال الماء إلى جميع شعرها، ويلزم من هذا نقضه. أفاده النووي.
قال الجامع عفا الله عنه: القول بكراهة الامتشاط مما لا دليل عليه، بل مخالف لنص هذا الحديث، وكذا التأويل بأن عائشة كانت معذورة بسبب الأذى غير صحيح، ومثله تأويل الامتشاط بأنه بالأصابع غير واضح. فتأمل باعتدال، ولا يهولنك كثرة القيل والقال.
قالت عائشة رضي الله عنها (ففعلت) أي ما أمرني به النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترك أفعال العمرة، وإدخال الحج عليها (فلما قضينا الحج) أي أتممنا وفرغنا من أفعاله، قال الفيومي رحمه الله: قضيتُ وَطَري: بلغته، ونلته، وقضيت الحاجة كذلك، وقضيت الحج والدَّين: أديته، قال الله تعالى:
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}[البقرة: ٢٠٠]، أي أديتموها فالقضاء هنا بمعنى الأداء كما في قوله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ}[النساء: ١٠٣] أي