قال الحافظ: الذي في تاريخ أبي نعيم وتواريخ البخاري وكتاب الساجي وتاريخ ابن قانع -سبع- بتقديم السين على الباء، وكذا حكاه القراب في تاريخه عن أبي زرعة، وعثمان بن أبي شيبة، وابن منيع وغيرهم، وقولهم: كان يرى السيف -يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك، لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة الحرة، ووقعة ابن الأشعث، وغيرهما عظة لمن تدبر، وبمثل هذا الرأي لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته واشتهر بالحفظ والإتقان والورع التام، والحسن مع ذلك لم يخرج على أحد، وأما ترك الجمعة ففي جملة رأيه ذلك أن لا يصلي خلف فاسق، ولا يصح ولاية الفاسق، فهذا ما يعتذر به عن الحسن،
وإن كان الصواب خلافه، فهو إمام مجتهد. قال وكيع: كان الحسن وعلي ابنا صالح وأمهما قد جَزَّؤوا الليل ثلاثة أجزاء فكان كل واحد يقوم ثلثا، فماتت أمهما، فاقتسما الليل بينهما، ثم مات علي، فقام الحسن الليل كله. وقال أبو سليمان الداراني: ما رأيت أحدًا الخوف أظهر على وجهه من الحسن قام ليلة بعم يتساءلون، فغشي عليه، فلم يختمها إلى الفجر.
وقال العجلي: كان حسن الفقه من أسنان الثوري (١)، ثقة ثبتا متعبدًا، وكان يتشيع، إلا أن ابن المبارك كان يحمل عليه بعض الحمل لمحال التشيع، وقال ابن حبان: كان الحسن بن صالح فقيها ورعا من المتقشفة الخشن، وممن تجرد للعبادة ورفض الرياسة، على تشيع فيه، مات وهو مُختَف من القوم، وقال ابن سعد: كان ناسكًا عابدًا فقيهًا حجة صحيح الحديث كثيره، وكان متشيعًا، وقال أبو زرعة الدمشقي: رأيت أبا نعيم لا يعجبه ما قال ابن المبارك في ابن حي، قال: وتكلم في حسن، وقد
(١) هكذا في نسخة "تت" كان حسن الفقه من أسنان الثوري، والظاهر أنه تصحيف، والصواب كان الحسن أفقه من سفيان الثوري. فتأمل.