ومنها: أن في قوله: وهو ابن سعيد لطيفة إسنادية، وهي أنه إذا قال المحدث: حدثني فلان، ولم ينسبه، أو لم يصفه، وأراد الراوي عنه لذلك توضيحا لمن يحدثهم فالذي ينبغي له أن يميز ذلك عما قاله الشيخ، لئلا يكون زائدا على ما قال له شيخه فيقول: حدثني فلان، قال حدثنا فلان هو ابن فلان، أو يعني ابن فلان، أو أن فلان ابن فلان حدثه، وهذا إذا لم يكن الشيخ ذكر ذلك في أول الكتاب مثلا، وأما إذا ذكره في أوله، بأن حدثه بكتاب أو جزء مثلا، وذكر نسبه ووصفه كاملا في أوله فإنه يجوز له إذا روى بعض ما سمع أن يكمل ذلك عند الجمهور؛ لأنه سمعه من شيخه كذلك، لكن الأولى في هذه الصورة أن يفصله بما تقدم، وإلى هذه القاعدة أشار الحافظ السيوطي في ألفيته بقوله:
ولا تَزدْ في نَسَب أو وَصف مَنْ … فَوقَ شُيُوخ عَنْهُمُ مَا لمْ يُبَنْ
بنَحْو يَعْني أو بأنَّ أو بهُو … أمَّا إذا أتَمَّهُ أوَّلَهُ
أجِزْه في البَاقي لَدَى الجُمْهُورِ … والفَصْلُ أوْلَى قَاصرَ المذْكُورِ
وهذه القاعدة نافعة في كتب الحديث لكثرة استعمالهم لها فينبغي التنبه لها، وسأنبه عليها إن شاء الله تعالى حيثما يمر بنا شيء من ذلك.
ومنها: أن فيه رواية الابن عن أبيه، وقد مر في الباب السابق.
ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي حميد، عن أبي بردة.
ومنها: أن فيه من صيغ الأداء: الإخبار بلفظ الجمع في أوله،
والتحديث بلفظ الجمع في موضعين، وبلفظ الإفراد في موضع، وذلك للقاعدة المشهورة عند المحدثين، وهي أنهم يستحسنون لفظ حدثني إذا سمع من لفظ الشيخ وحده، وحدثنا إذا سمع مع غيره، وأخبرني إذا قرأ الكتاب بنفسه، وأخبرنا إذا سمع قراءة الكتاب على الشيخ من غيره، وإن شك في ذلك أو شك فيما قال الشيخ هل هو بالإفراد أم بالجمع يستحسن الإفراد وإلى هذا كله أشار السيوطي في ألفيته أيضا بقوله: