للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: ٦٠] قال ابن مالك في الخلاصة:

وعَاملُ الحَال بهَا قَدْ أكِّدَا … في نَحْو لا تَعْثَ في الأرْض مُفْسدَا

وجواب القسم جملة قوله "ما" نافية "أطلعاني" كأعلماني وزنا ومعنى "على ما" أضمرا "في أنفسهما" من طلب العمل، وفي رواية أبي العميس: "فاعتذرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما قالوا، وقلت: لم أدر ما حاجتهم فصدقني وعذرني، وفي لفظ: فقال: "لم أعلم لماذا جاءا". قاله الحافظ.

"وما" نافية أيضا "شعرت" أي ما فطنت، ويقال: شَعَر بالشىء بالفتح يَشْعُر بالضم شعْرًا بالكسر: فَطن له قاله في المختار. وفي المصباح: وشعَرت بالشيء شعورًا من باب قَعَد، وشعْرا، وشعْرَة بكسرهما علمت. اهـ أي ما علمت "أنهما يطلبان العمل" أي الولاية. فأنْ ومعمولاها مفعول شعر، ففي الجملة الأولى نفي كونهما أخبراه قصدهما، وفي الثانية نفي علمه به، وأنه لم يتوصل إليه بأي وسيلة من القرائن، ومقصوده الاعتذار إليه - صلى الله عليه وسلم - حيث شاركهما في الدخول مع كونهما يطلبان العمل الذي ساءه - صلى الله عليه وسلم - طلبهما له؛ لأن طلبهما له يدل على حرصهما له. فيحملهما الحرص على عدم القيام بواجبه. لأن من سأل الإمارة فأعطيها وكلت إليه، ومن ولي من غير مسألة أعين عليها، كما بينه حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه، وسيأتي قريبا، إن شاء الله تعالى. قال أبو موسى "فكأني انظر إلى سواكه" - صلى الله عليه وسلم - "تحت شفته" أي حال كونه ثابتا تحت شفته - صلى الله عليه وسلم -.

قال الفيومي: الشفة: مخفف، ولامها محذوفة، الهاء عوض عنها، وللعرب فيها لغات: منهم من يجعلها هاء، ويبني عليها تصاريف الكلمة، ويقول: الأصل شَفْهَة وتجمع على شفاه، مثل كَلبة