وهذا لا حجة لهم فيه، وإذا تنازع الصحابة رضي الله عنهم فليس بعضهم أولى من بعض، بل الرد حينئذ واجب إلى القرآن والسنة.
وأما حديث سليمان بن يسار عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني، وكنت أغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فليس فيه أمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسله ولا بإزالته، ولا بأنه نجس, وإنما فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغسله، وأن عائشة كانت تغسله، وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - ليست على الوجوب.
ثم ذكر بسنده عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة، فحكها بيده، ورئي كراهيته لذلك.
قال أبو محمَّد: فلم يكن هذا دليلا عند خصومنا على نجاسة النخامة، وقد يغسل المرء ثوبه مما ليس نجسا.
وأما حديث سفيان- يعني حديث أبي حذيفة، عن سفيان الثوري، مرة قال: عن الأعمش، ومرة قال: عن منصور، ثم استمر عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عائشة في المني:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بحته" فإنما انفرد به أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي بصري ضعيف مُصَحِّف كثير الخطأ، روى عن سفيان البواطل. قال أحمد بن حنبل فيه: هو شبه لا شيء، كأن سفيان الذي يحدث عنه أبو حذيفة ليس سفيان الذي يحدث عنه الناس (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث الذي ضعفه ابن حزم هو ضعيف كما قال، وإن حاول العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المُحَلَّى في تصحيحه, وصرح قبله الحافظ به في التلخيص.
ففي تصحيحه نظر لا يخفى، فإن هذا الحديث أخرجه مسلم من هذا