واحتج هؤلاء بحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق عليه:"أنه - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بقبرين، فقال: إنهم ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول .. " الحديث، قالوا: يعم جنس البول، ولم يخصه ببول الإنسان، ولا أخرج عنه بول المأكول، وهذا غاية ما تمسكوا به.
وأجيب عنه بأن المراد بول الإنسان، لما في صحيح البخاري بلفظ:"كان لا يستنزه من بوله" قال البخاري: ولم يذكر سوى بول الناس، فالتعريف في البول للعهد. قال ابن بطال: أراد البخاري أن المراد بقوله: "كان لا يستنزه من البول" بول الإنسان، لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه أراد الرد على الخطابي حيث قال: فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها، قال في الفتح: ومحصل الرد أن العموم في رواية من "البول" أريد به الخصوص لقوله: "من بوله" أو الألف والسلام بدل من الضمير. انتهى.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله بعد ذكر ما تقدم ما نصه: والظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه، تمسكا بالأصل، واستصحابا للبراءة الأصلية، والنجاسةُ حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصلُ والبراءةُ، فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنها, ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلا كذلك، وغاية ما جاءوا به حديث صاحبي القبرين، وهو مع كونه مرادًا به الخصوص كما سلف عموم ظني الدلالة لا ينتهض على معارضة تلك الأدلة المعتضدة بما سلف
فإن قلت: إذا كان الحكم بطهارة بول ما يؤكل لحمه وزبْله لما تقدم حتى يرد دليل، فما الدليل على نجاسة بول غير المأكول وزبله على العموم؟