لقاح، ليشربوا من ألبانها، فكانوا فيها، ثم عَمَدوا إلى الراعي غم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقتلوه، واستاقوا اللقاح، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم عَطِّش من عَطَّشَ آل محمَّد الليلةَ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم، فأُخذوا، فَقَطَّعَ أيديَهُم وأرجلهم، وسَمَل أعينهم" وبعضهم يزيد على بعض إلا أن معاوية قال في هذا الحديث: "استاقوا إلى أرض الشرك".
الثالث: أن المصنف يرى ترجيح كون هذا الحديث مرسلا، لمخالفة طلحة ليحيى بن أيوب، ومعاوية بن صالح كما مر آنفا.
قال الجامع: عندي أن مخالفته لهما لا تضر في وصله، فيكون من زيادات الثقات، فإنّ طلحة ثقة حافظ، فيكون الحديث موصولا صحيحا عن طريقه، والله أعلم.
الرابع: اختلف أهل العلم في الحديث المرسل في موضعين:
الأول: في تعريفه، قال النووي في تقريبه: اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، أو فَعَلَهُ يسمى مرسلا، فإن انقطع قبل الصحابي (١) واحد، أو أكثر، قال الحاكم وغيره من المحدثين: لا يسمى مرسلا، بل يختص المرسل بالتابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن سقط قبله، فهو منقطع، وإن كان أكثر فمعضل ومنقطع، والمشهور
في الفقه والأصول أن الكل مرسل، وبه قطع الخطيب، وهذا اختلاف في الاصطلاح والعبارة، وأما قول الزهري وغيره من صغار التابعين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالمشهور عند من خَصَّه بالتابعي أنه مرسل كالكبير، وقيل: ليس بمرسل، بل منقطع. انتهى.
(١) في التقريب: قبل التابعي، والإصلاح من التدريب جـ ١ ص ١٩٥.